أهل البيت ، فكان يقعُد في مسجد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وهو معتجر بعمامةٍ سوداء ، وكان ينادي يا باقر العلوم ، يا باقر العلوم ، فكان أهلُ المدينة يقولون : جابر يهجر ، فكان يقول : لا واللّه ما أهجر ولكنّي سمعت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول : (إنّك ستدرك رجلاً منّي )(١) اسمه اسمي وشمائله شمائلي ، يبقر العلم بقراً ، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول ، قال : فبينا جابر يتردّد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مرّ بطريق ـ في ذلك الطريق كُتّاب ـ فيه محمّد بن عليّ عليهماالسلام ، فلمّا نظر إليه قال : يا غلام ، أقبل ، فأقبل ، ثمّ قال له : أدبر ، فأدبر ، ثمّ قال : شمائل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله والذي نفسي بيده ، ياغلام ، ما اسمك؟ قال : اسمي محمّد بن عليّ بن الحسين ، فأقبل عليه يقبّل رأسه ويقول : بأبي أنت وأُمّي ، أبوك رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يُقرِئُك السلام (ويقول لك ذلك)(٢)(٣) ، قال : فرجع محمّد بن عليّ عليهماالسلام إلى أبيه عليهالسلام وهو ذعر ، فأخبره الخبر ، فقال له : يا بنيّ ، وقد فعلها جابر؟ قال : نعم ، قال : الزم بيتك يا بنيّ ، فكان جابر يأتيه طرفي النهار ، وكان أهلُ المدينة يقولون : واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار ، وهو آخر مَنْ بقي من أصحاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فلم يَلْبَث أن مضى عليّ بن الحسين عليهالسلام ، فكان محمّد بن عليّ يأتي جابراً على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله » .
قال : «فجلس أبو جعفر عليهالسلام يحدّثهم عن اللّه تعالى ، فقال أهل المدينة : ما رأينا أحداً أجرأ من هذا ! فلمّا رأى ما يقولون ، حدّثهم عن
____________________
(١) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : «ستدرك من ولدي مَن» .
(٢) بدل ما بين القوسين في الكافي : (ويقول ذلك) ، وفي الاختصاص : (ويقول لك) . وهنا حاشية من المؤلّف ، وهي : «أي : جابر يقول لك ذلك مكرّراً ، ويقول رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لك ذلك الكلام ، أي : بقر العلم» . منه قدسسره .
(٣) في «م» زيادة : «إنّه يبقر العلم بقراً» .