نستخلص من هذا النص ومما سبقه أن الإمام عليهالسلام كان يحاجج الخصوم بصدر رحب وطول نفس، وبأسلوب يتناسب مع عقلية الخصم ، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم ، ليلزمهم بما ألزموا به أنفسهم .
ولم يهدف الامام الرضا عليهالسلام من مناظراته وخاصة مع أهل الإسلام إلى كسب المناظرة والحوار، وإنما إلى إيصال الحقيقة الدينية الصحيحة ، وتنقية العقيدة الإسلامية من كل الشوائب التي لحقت بها والشبهات التي تثار حولها ، خصوصاً بعد أن اختلط الحق بالباطل، والتبست السنة بالبدعة .
والملاحظ أنه اعتمد في مناظراته مع أهل الإسلام على المنهج النقلي من قرآن وسنة نبوية ـ بصورة أساسية، وكان ينتزع إجاباته من هذين المصدرين بدون تكلف أو اعتساف في تحميل النصوص .
علماً بأن المأمون قد جهد منذ البداية على إحراج الإمام الرضا عليهالسلام للللا أمام أهل الأديان والملل المختلفة الذين حشدهم من كل ملة ومكان لأجل هذه الغاية، ولكنه خابت ظنونه بأهل الأديان وخسر الصفقة، ومن هنا حاول أن يعيد التجربة ، فحشد له ـ هذه المرة ـ أبرز علماء الإسلام ومتكلميه ، أمثال : علي بن محمد بن الجهم ويحيى بن الضحاك السمرقندي وسليمان المروزي ، وكان العالمان الأخيران من أبرز علماء خراسان في ذلك الزمان ، وكان المأمون يأمرهم بإثارة مواضيع حساسة مع الإمام الرضا عليهالسلام ، كمسألة عصمة الأنبياء، ومسألة الإمامة ، والبداء ، وما إلى ذلك .
عصمة الأنبياء عليهمالسلام :
فعن أبي الصلت الهروي ، قال : لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته كأنه القم