__________________
لا بأس ، ارجع إلى موضعك ، فرجعت إلى موضعي من الصف ، ثم صعد فينا وصوّب ، فلم تقع عينه إلاّ عليّ ، فدعاني ، فقال : كم سنوك؟ فقلت : ثلاث وأربعون سنة ، قال : الآن حين استحكمت ، ثم دعا بالطعام ، وأصحابي حديثوا عهد بليّن العيش ، وقد تجوعت له ، فأتى بخبز يابس ، واكسار بعير ، فجعل أصحابي يعافون ذلك ، وجعلت آكل فأجيد الأكل ، فنظرت فإذا به يلحظني من بينهم ، ثم سبقت منيّ كلمة تمنيت أنّي سخت في الأرض ولم ألفظ بها ، فقلت : يا أمير المؤمنين! إنّ الناس يحتاجون إلى صلاحك ، فلو عمدت إلى طعام هو ألين من هذا؟ فزجرني ، وقال : كيف قلت؟ قلت : أقول : لو نظرت يا أمير المؤمنين إلى قوتك من الطحين فيخبز لك قبل إرادتك إيّاه بيوم ، ويطبخ لك اللحم كذلك ، فتؤتى بالخبز ليّنا وباللحم غريضا ..! فسكن عن غربه .. إلى أن قال : ثم أمر أبا موسى أن يقرّني على عملي ، وأن يستبدل بأصحابي.
وذكر الطبري في تاريخه ٢٢٦/٥ في إمارة زياد بن أبيه : ثم بعث الربيع بن زياد الحارثي إلى خراسان في خمسين ألف ، وفي صفحة : ٢٩١ في حوادث سنة ثلاث وخمسين ، قال : وفي هذه السنة كانت وفاة الربيع بن زياد الحارثي ، وهو عامل زياد على خراسان.
وذكر الكليني رضوان اللّه تعالى عليه في الكافي ٤١٠/١ حديث ٣ ، بسنده : .. عن أحمد بن محمّد .. وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء ، وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قد غمّ أهله وأحزن ولده بذلك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «عليّ بعاصم بن زياد ..».
(*)
حصيلة البحث
الذي يظهر من مطاوي ما ذكره المؤلف قدّس سرّه ، وما نقلناه عن المصادر المشار إليها ، أنّه كان المترجم من المتهالكين في حفظ مناصبهم بكلّ وسيلة ، حتّى بالتحايل ، وأن يكون من عمال الدولة ، وإن كان تحت إمرة ابن زياد وأبي موسى الأشعري ، فعليه أستفيد من مجموع ذلك ضعفه ، وتفاهة شخصيته ، ورقّة دينه ، واللّه العالم.