وهو أقدم من أبي حنيفة لإدراكه الإمام السجاد عليه السلام دونه ، وأسبق منه في العمل بالرأي وفي ترك السنة النبويّة لأجل قول الصحابة ، كما يشهد بذلك ما رواه الكشي (١) عن زرارة (٢) ، قال : جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبد اللّه بن محمّد وربيعة الرأي ، فقال عبد اللّه : يا زرارة! سل ربيعة عن شيء ممّا اختلفتم فيه (٣)؟ فقلت : إنّ الكلام يورث الضغائن ، فقال لي ربيعة الرأي : سل يا زرارة! قال : قلت : بم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يضرب في الخمر؟ قال : بالجريد والنعل ، فقلت : لو أنّ رجلا أخذ اليوم شارب خمر وقدم إلى الحاكم ما كان عليه؟ قال : يضربه بالسوط؛لأنّ عمر ضرب بالسوط ، قال : فقال عبد اللّه بن محمّد : يا سبحان اللّه! يضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بالجريد ، ويضرب عمر بالسوط .. نترك (٤) ما فعل رسول اللّه ونأخذ (٥) ما فعل عمر؟! انتهى.
أقول : ونظير هذا ، بل أسوأ منه ، ما نقله شيخنا المفيد رحمه اللّه في محكي بعض رسائله (٦) ، عن حمّاد بن زيد ، قال : شهدت أبا حنيفة ـ وقد سئل عن محرم لم يجد إزارا ، فلبس سراويل ـ فقال : عليه الفدية. فقلت :
__________________
(١) الكشي في رجاله : ١٥٣ حديث ٢٤٩.
(٢) في المصدر : زرارة بن أعين.
(٣) لم ترد في المصدر : فيه.
(٤) في المصدر : فيترك.
(٥) في المصدر : يأخذ.
(٦) طبعت مجموعة من رسائل شيخنا المفيد قدّس سرّه تحت عنوان : عدّة رسائل الشيخ المفيد ، ومن تلك الرسائل : المسائل الصاغانية في الرّد على أبي حنيفة : ٢٩٤ أواخر المسألة العاشرة بلفظه.