وبالجملة : إن مذهبنا ورأي عمر مسألتان مختلفتان لا تلازم بينهما ولا تنافی.
ثمّ إن مضمون حديث أبي هريرة قد جاء في أخبارنا عن إمامنا الرضا عليهالسلام . قال ــ ما حاصله ــ : إن كلمة الشهادة كافية في دخول الجنة والنجاة من النار ، لكن قال عليهالسلام : بشرطها وشروطها ، وأنا من شروطها (١) .
أي أنها مشروطة بالشهادة لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوة ، وللأئمة الاثني عشر بالإمامة ، لأن الشهادة بهذا كله من أصول الدين.
وأما ما زعمه من أنّه لا إساءة أدب من عمر مع أبي هريرة بضربه له ، لانه كان أميراً مبجلاً ووزيراً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
ففيه : إنا لا نعرف له من الإمرة والوزارة إلا الدعوى من أصحابه ، مع أن المصنف رحمهالله لم يتكلم في إساءة الأدب مع أبي هريرة ، وإن كان مسيئاً للأدب معه ، وفاعلاً للحرام بضربه له بلا جرم ، بل تكلّم في إساءة أدبه مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإهانته له بضربه لرسوله ، وردّه لأمره ، فإنّ الأمير والوزير لوفعل برسول الملك هذا الفعل ، وردّ أمره بهذا الردّ من دون جرم من الرسول ، كان معدوداً في زمرة الجهال الجفاة الطغام المستهزئين بملكهم وأوامره ، بل الشريك لا يفعل هذا الفعل برسول شريكه ، ولا يرد أمره بذلك الردّ المستهجن المستقبح ، ولو فعل كان مسيئاً للأدب مع شريكه مهيناً له أعظم إهانة.
وقوله : « وربما كان أبو هريرة لم يمتنع من الأداء بمجرد نهي عمر خطأ ، لأنّه إن أريد احتمال أنّه منعه فلم يمتنع ، فهو خلاف ظاهر
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ١٤٤ ــ ١٤٥ ٤ ، معاني الأخبار : ٣٧٠ ــ ٣٧١ ح ١ ، التوحيد : ٢٥ ح ٢٣ ، الأمالي ــ للصدوق ــ : ٣٠٥ ــ ٣٠٦ ح ٣٤٩ .