المقدّمة
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين ، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم وغاصبي حقّهم من الآن إلى قيام يوم الدين .
لا ريب أنّ بلوغ أيّ حقيقة وكشف أيّ واقع يمرّ عبر طرق وقنوات قائمة على أساس من القواعد والأصول والقوانين .
وهذه المعادلة الكلّية لها من المصاديق الخارجية ما لا يمكن عدّها أو حصرها ؛ لتفاوت الأهداف والغايات بتفاوت التوجّهات والرغبات.
فتتباين على ضوء ذلك المناهج والأساليب المعتمدة لأجل نيل المرام وبلوغ المقصد .
وانطلاقا من واقع الخلقة وأساس التكوين ، فإنّ حقيقة المعرفة الإلهية فوق كلّ المعارف ، فلا تضاهيها أيّ حقيقة مطلقا ، وأنّها الضرورة التي دونها سائر الضرورات ، فهي أقدس المقاصد وأشرف الأهداف ، والتمرّس في عناصر دركها هو أجلّ الممارسات التي تفتح المنفذ الوهّاج نحو الهداية والفلاح .
وعليه ، فإنّ إنسانية الإنسان - علوّا أو هبوطا - تنمو أو تضمحل بمقدار سيره تجاه فهم تلك الحقيقة واستيعاب محاورها بالشكل الذي يؤمّن
< ملحق = ٦ >
له دوام الاستمرار في طيّ مراحل التربية والكمال البشري أو نأيه عنها وتخبّطه في معاقل الفساد والضياع .
ولا شكّ أنّ صمّام الأمان من الضلال والرادع الأساس عن الانحراف والمنقذ من الانحطاط ، هو التمسّك بما دعى خاتم الرسل والأنبياء محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى التمسّك به ، والانفصام عنه انفصام عن الدين والإيمان ، وانضمام إلى الكفر والنفاق ، ولا نقول بالفصل أبدا بين الكتاب والعترة ؛ فهما أساس المعرفة الإلهية ، والكلّ المركّب لا يقوم إلّا بقيام جميع أجزائه .
فدون التمسّك بالإمامة والاعتقاد بالخلافة الإلهية التي منحها المولى تبارك وتعالى لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السّلام ، لا يمكن بأيّ وجه من الوجوه كسب المطلوب وتحصيل رضا الربّ .
لذا فإنّ كلّ العلوم وكافّة العقول وجميع الجهود وكافة الطاقات ومختلف الإمكانيات يجب توظيفها وتسخيرها لأجل نشر وبيان المنزلة العظيمة والمضامين العميقة والاطر الواسعة التي يحتويها أصل الإمامة .
وبقول بعض الأجلّة :
إنّ درك وفهم عمق الإمامة لا يتمّ إلّا بفهم : < ارتباط = ٠٠٠١٠٠٢١٢٤ > وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً < / ارتباط = ٠٠٠١٠٠٢١٢٤ > « ١ » .
وإبراهيم عليه السّلام كان قد اجتاز مراحل أربع حتى نال المقام الشامخ والمنزلة الإلهية الرفيعة ، والتي هي :
١ - مرحلة العبودية .
٢ - مرحلة النبوّة .
٣ - مرحلة الرسالة .
( ١ ) البقرة ٢ : ١٢٤ .