ولننقل عبارة ابن باكثير في صدر كتابه المذكور ليظهر اعتبار أحاديثه ، فإنّه قال فيه :
« فرأيت أن أجمع في تأليفي هذا من درر الفوائد الثمينة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة ، ممّا هو مختص بالعترة النبويّة والبضعة الفاطمية ، وأذكره بلفظ الإجمال. ثم ما ورد من مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل ، واصرّح فيه بأسمائهم ، ثم ما ورد لكلّ واحد منهم بصريح اسمه الشريف.
فجمعت في كتابي هذا زبدة ما دوّنوه وعمدة ما صحّحوه من ذلك وأتقنوه ، وما رقموه في مؤلّفاتهم وقنّتوه فيه ، مقتصرا على ما يؤدي المطلوب ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب ، سالكا في ذلك طريق السّداد ومقتصرا فيه على ما به يحصل المراد ، تاركا للتطويل المملّ ، سالما من نقص الاختصار المخلّ.
فجاء ـ بحمد الله تعالى ـ من أحسن تأليف في هذا الشأن ، وأتقن مصنّف سلك فيه طريق الإتقان ، جمع مع سهولة تناوله البديع حسن البيان ، وحوى مع تناسب مسائله وتناسق وسائله عذوبة الموارد للظمآن ، وتتبّعت فيه غالب ما صحّ نقله من الأحاديث ويعمل بمثله في الفضائل ويحتجّ به في القديم والحديث ، وتركت ما اشتدّ ضعفه منها. ولم نجد له شاهدا يقوّيه ، وجانبت عمّا تكلّم في سنده وقد عدّه الحفّاظ من الموضوع الذي يجب أن ننقّيه.
وأتيت بالمشهور في كتب التواريخ عند نقل القصص والأخبار ، وربّما دعت الحاجة إلى الإشارة لبعض الوقائع روما لطريق الاختصار ، واكتفيت بالحوالة على الكتب المؤلّفة لذلك الفن ، فإنّها تغني عن التطويل بذكره في كتابنا ، لقصد الإيجاز مهما أمكن.