فإن الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدّة انحرافه في النّصب ، وشهرة أهلها بالتشيّع ، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق ، حتى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى ، وأساطين الحديث وأركان الرواية ، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه ، فوثّق رجلا ضعّفه ، قبل التوثيق » (١).
ففي هذه العبارة تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التّشيع ، فكذلك الأجلح ، لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بسبب التشيع ...
وقال ابن حجر في معنى التشيع ما نصّه :
« التشيع محبة علي وتقديمه على الصّحابة ، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيّع ، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض ، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلوّ » (٢).
فعلى هذا : إذا كان الأجلح شيعيّا فهو ليس إلاّ محبّا لأمير المؤمنين ومقدّما له على الصحابة سوى الشيخين ، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنّة أبدا ، إلاّ إذا اختاروا مذهب النواصب والخوارج ...
وقال صالح بن مهدي المقبلي في كتابه ( العلم الشامخ ) : « والواجب على المتدين اطراح التحرّب ، والتكلّم بما يعلم ، نصيحة لله ورسوله
__________________
(١) لسان الميزان ١ / ١٦.
(٢) مقدمة فتح الباري : ٤٦٠.