لا يحبّهم إلاّ مؤمن ولا يبغضهم إلاّ منافق ، فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله » (١).
قال : « قال القسطلاني : عدي بن ثابت ثقة ، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة ، روى عنه شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقّبوه بـ « أمير المؤمنين في الحديث ». ومن هنا يعلم أن مذهب الشّيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزّمان على هذا الفساد والفضيحة كما عند متأخريهم ، فقد قيل : أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أن يحبّوا عليا أمير المؤمنين أكثر من حبّهم لغيره من الأئمة ، وأنّهم لم يكونوا يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقول أهل السنّة ، وإلاّ فأيّ معنى لنصبهم السنّي الخالص قاضيا لهم وإماما في مسجدهم. ولو قيل : لعلّ عدي بن ثابت أيضا كان يرى هذا المذهب الغليظ ، كان احتمالا باطلا وظنّا فاسدا ، فإنّ شعبة ـ الذي هو قدوة أهل السنّة وشيخ شيوخ البخاري ، ويلقّبه المحدّثون بأمير المؤمنين ـ يروي حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلاّ! ».
ففي هذا الكلام تصريح بأنّ الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعي غليظ وإلاّ لما روى عنه أئمة السنة ، غاية ما هنالك أن يكون حال الأجلح حال عدي بن ثابت بناء على ما ذكر ، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه ، كذلك حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به.
وممّا يدل على أن التشيع ليس بقادح قولهم في ترجمة النسائي : « كان
__________________
(١) تيسير القاري بشرح صحيح البخاري ، كتاب مناقب الأنصار ، باب حبّ الأنصار من الايمان.