وذهب كثير علماء أهل السنّة السّلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نصّ عليه المحقّقون ... فلو فرض كون الأجلح رافضيّا وعدّ من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة ... وإليك بعض النصوص الصّريحة فيما ذكرناه :
قال ابن الصّلاح : « اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفّر ببدعته :
فمنهم : من ردّ روايتهم مطلقا ، لأنّه فاسق ببدعته ، وكما استوى في الكفر المتأوّل وغير المتأوّل يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.
ومنهم : من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممّن يستحل الكذب في نصرة مذهبه ، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن ، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله : أقبل شهادة أهل الأهواء إلاّ الخطّابية من الرّافضة لأنهم يرون الشهادة بالزّور لموافقيهم.
وقال قوم : يقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي ـ رضياللهعنه ـ خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعة ، وقال : أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم ابن حبان البستي أحد المصنّفين من أئمّة الحديث : الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم فيه خلافا.
وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها ، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث ، فإنّ كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة ، وفي الصحيحين