كلّهم عن الحارث الأعور عن ابن مسعود ، إلاّ ابن خزيمة فعن مسروق عن ابن مسعود ، واسناد ابن خزيمة صحيح. انتهى. فأهمل المصنف الطريق الصحيح وذكر الضعيف ورمز لصحّته فانعكس عليه. والحاصل أنّه روي بإسنادين أحدهما صحيح والآخر ضعيف ، فالمتن صحيح » (١).
وقال ابن الوزير بعد كلام نقله عن النووي : « وفيه ما يدلّ على أنّه لا يعترض على حفّاظ الحديث إذا رووا حديثا عن بعض الضعفاء وادّعوا صحته ، حتى يعلم أنّه لا جابر لذلك الضعف من الشواهد والمتابعات ، ومعرفة هذا عزيزة لا يحصل إلاّ للأئمّة الحفّاظ أهل الدراية التامّة بهذا الشأن » ثم ذكر موارد لذلك ، حيث حكم بعض العلماء على بعض الأحاديث بالضعف ، وحكم آخرون على صحة تلك الأحاديث لكونها واردة في طرق أخرى معتبرة ، أولها شواهد ومتابعات تدل على صحّتها.
وذكر ابن الوزير في كلام له حول المراسيل ، فعزى قبولها إلى : « مذهب مالك والمعتزلة والزيديّة ، ونصّ عليه منهم أبو طالب في كتاب المجرى ، والمنصور في كتاب صفوة الأخيار. وروى أبو عمر ابن عبد البرّ في أوّل كتاب التمهيد عن العلاّمة محمد بن جرير الطبري إجماع التّابعين على ذلك. ومذهب الشّافعية قبول المراسيل على تفصيل مذكور في كتب علوم الحديث والأصول ، وهو المختار على تفصيل فيه ، وهو قبول ما انجبر ضعفه » ثم استدل لذلك بوجوه ... (٢).
فإذا كان المرسل مقبولا فمسند الأجلح مقبول بالأولوية القطعيّة ...
__________________
(١) فيض القدير ١ / ٥٥.
(٢) الروض الباسم ـ النوع الثاني ممّا قدح به على البخاري ومسلم.