مكارمهم الشريفة ومناقبهم ، فلم يزل كل متغلّب منهم يبذل في متابعة الهوى مقدوره ، ويلتهب حسدا ليطفئ نور الله إلاّ أن يتم نوره.
كما روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهماالسلام أنّه قال لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيّانا وتظاهرهم علينا ، وما لقي شيعتنا ومحبّونا من الناس! إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا ، ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد حتى رجعت إلينا ، فنكثت بيعتنا ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كئود حتى قتل ، فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم ، ووثبت عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ، وانتهب عسكره وخولجت خلاخل امّهات أولاده. فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته وهم قليل حق قليل. ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به ، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم فقتلوه.
ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستضام ، ونقضي ونمتهن ونحرم ، ونقتل ونخاف ، ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقرّبون به إلى أوليائهم ، وقضاة السوء وأعمال السوء في كل بلدة تحدّثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ، ليبغّضونا إلى الناس ، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن ـ عليهالسلام ـ فقتلت شيعتنا في كل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة ، من ذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سجن ونهب ماله وهدم داره. ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد ـ لعنه الله ـ قاتل الحسين عليهالسلام. ثم جاء الحجاج فقتلهم كلّ قتلة وأخذهم بكل ظنّة وتهمة ، حتى أنّ الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة علي عليهالسلام.