وما لقيه أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم من دولتهم أعظم ممّا مضوا به في الخلافة الاموية كما قيل :
والله ما فعلت
أميّة فيهم |
|
معشار ما فعلت
بنو العباس |
ثمّ شبّ الزمان وهرم ، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم ، والدهر لا يزداد إلاّ عبوسا ، والأيام لا تبدي لأهل الحق إلاّ بؤسا ، ولا معقل للشيعة من هذه الخطّة الشنيعة في أكثر الأعصار ومعظم الأمصار إلاّ الانزواء في زوايا التقيّة ، والانطواء على الصبر بهذه البلية » (١).
أقول :
وإذا علمت حال هؤلاء الأسلاف المنهمكين في الأسفاف ، فليكن غير خاف على سريرتك النقيّة عن الاعتساف ، المتحلّية بالإنصاف أنّ ( الدهلوي ) النحرير ، الذي هو عند السنّية صدرهم الكبير وملاذهم الشهير ، قد جنح تقليدا للكابلي بجوامع قلبه إلى هؤلاء الجماهير الكارعين من المشارع الردغة ، والناهلين من الموارد الكدرة ، الذين زرعوا الفجور وسقوه الغرور ، وحصدوا الثبور ورفعوا الدور ، وبنوا القصور وأحكموا الزّور وأبرموا الختور ، ولم يرضوا في البغض والمشاحنة بالقصور ، وأتوا من غرائب الأمور بما يبقى سوء ذكره على كرّ الدهور ومرّ العصور.
فحذا ( الدهلوي ) حذوهم وحسا حسوهم ونحا نحوهم واستحسن نحوهم ، وشرب روي شربهم وانضوى إلى سربهم وانحاز إلى حزبهم ، وآثر ضغنهم وكبرهم واختار حقدهم ونكرهم واستطاب عجرهم وبجرهم ، وأشاع هفواتهم ونفّق تلميعاتهم وزوّق تسويلاتهم ، وأحكم مرائرهم وسرّ سرائرهم وأطاب ضمائرهم ، وفوّق سهامهم وبرى أقلامهم ، وشحذ حرابهم ودرس كتابهم
__________________
(١) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ٥ ـ ٨.