فإذا كان الأمر كذلك كيف يجوز لأبي الطيب ولأبي حامد أن يدّعيا هذه الدعوى الباطلة؟ فهذا يدل على عدم اطّلاعهما فيما ذكرنا ، فجهل الشخص بالشيء لا ينفي علم غيره به.
وقول من ادّعى التعقب بأنّ صلاة الليل ليست بواجبة. إلى آخره ، قول واه ، لأنّ الدلائل قامت على وجوب الوتر ، منها :
ما رواه أبو داود : نا محمّد بن المثنى. نا أبو إسحاق الطالقاني نا الفضل ابن موسى ، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا.
وهذا حديث صحيح ، ولهذا أخرجه الحاكم في مستدركه وصحّحه.
فإن قلت : في إسناده أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله ، وقد تكلّم فيه البخاري وغيره.
قلت : قال الحاكم : وثّقه ابن معين. وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : هو صالح الحديث ، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء. فهذا ابن معين إمام هذا الشأن ، وكفى حجة في توثيقه إيّاه » (١).
أقول : وكذا الأمر في المقام ، فقد وثق ابن معين أبا بلج ، وكفى حجة .. وكذا وثّقه غيره من أئمة هذا الشأن ...
فقد عرفت أن يحيى بن معين ، والنّسائي ، والدار قطني ، ومحمّد بن سعد ... يوثّقون أبا بلج ... فأما ابن معين ، والنسائي ، والدار قطني وغيرهم
__________________
(١) عمدة القاري ٧ / ١١.