بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمِ
الحمد لله الّذي سمك سماء العلم ، وزيّنها ببروجها للناظرين ، وعلّق عليها قناديل الأنوار بشموس النّبوّة وأقمار الإمامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين ، وجعل نجومها رجوماً لوساوس الشياطين ، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلّين ، ثمَّ بمضلّات الفتن أغطش ليلها (١) وبنيّرات البراهين أخرج ضحاها ، و مهّد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانيّة فدحاها ، وهيّأها لأزهار أسرار العلوم الربّانيّة فأخرج منها ماءها ومرعاها ، وحرسها عن زلازل الشكوك والأوهام ، فأودع فيها سكينةً من لطفه كجبال أرساها ، فنشكره على نعمه الّتي لا تحصى ، معترفين بالعجز والقصور ، ونستهديه لمراشد اُمورنا في كلّ ميسور ومعسور .
ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة علم وإيقان ، وتصديق وإيمان ، يسبق فيها القلب اللّسان ، ويطابق فيها السرّ الإعلان . وأنّ سيّد أنبيائه ونخبة أصفيائه ونوره في أرضه وسمائه محمّداً صلىاللهعليهوآله عبده المنتجى ، ورسوله المجتبى ، وحبيبه المرتجى ، وحجّته على كافّة الورى ، وأنّ وليّ الله المرتضى ، و سيفه المنتضى ، (٢) ونبأه العظيم ، وصراطه المستقيم ، وحبله المتين ، وجنبه المكين ، عليّ بن أبي طالب عليهالسلام سيّد الوصيّين ، وإمام الخلق أجمعين ، وشفيع يوم الدين ، ورحمة الله على العالمين . وأنّ أطائب عترته وأفاخم ذرّيّته وأبرار أهل بيته سادات الكرام وأئمّة الأنام ، وأنوار الظّلام ، ومفاتيح الكلام ، وليوث الزّحام ، وغيوث الإنعام ، خلقهم الله من أنوار عظمته ، وأودعهم أسرار حكمته ، وجعلهم معادن رحمته ، وأيّدهم
________________________
(١) في الصحاح : أغطش الله الليل : أظلمه .
(٢) نضا سيفه وانتضاه : سله .