آمر . التخصيص إمّا لكونهم صلوات الله عليهم مكلّفين بما لم يكلّف به غيرهم ، ويتأتّي منهم من حقّ عبادته تعالى ما لا يتأتيّ من غيرهم ، أو لاشتراط صحّة أعمال العباد بولايتهم والإقرار بفضلهم بنحو ما مرّ من التجوّز ، وبهذا التحقيق يمكن الجمع بين ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أوّل ما خلق الله نوري ، وبين ما روى : أوّل ما خلق الله العقل ، وما روي : أوّل ما خلق الله النور ، إن صحّت أسانيدها . وتحقيق هذا الكلام على ما ينبغي يحتاج إلى نوع من البسط والإطناب ، ولو وفينا حقّه لكنّا أخلفنا ما وعدناه في صدر الكتاب .
وأمّا الخبر الأخير فهو من غوامض الأخبار ، والظاهر أنّ الكلام فيه مسوق على نحو الرموز والأسرار ، ويحتمل أن يكون كنايةً عن تعلّقه بكلّ مكلّف ، وأنّ لذلك التعلّق وقتاً خاصّاً ، وقبل ذلك الوقت موانع عن تعلّق العقل من الأغشية الظلمانيّة ، والكدورات الهيولانيّة ، كستر مسدول على وجه العقل ، ويمكن حمله على ظاهر حقيقته على بعض الاحتمالات السالفة . وقوله : خلقة ملك . لعلّه بالإضافة أي خلقته كخلقة الملائكة في لطافته وروحانيّته ، ويحتمل أن يكون « خلقه » مضافاً الى الضمير مبتداءاً و « ملك » خبره ، أي خلقته خلقة ملك أو هو ملك حقيقةً والله يعلم .
باب ٣
* ( احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم ) *
١ ـ ج : في خبر ابن السكّيت (١) قال : فما الحجّة على الخلق اليوم ؟ فقال الرضا عليهالسلام : العقل . تعرف به الصادق على الله فتصدّقه ، والكاذب على الله فتكذّبه ، فقال ابن السكّيت : هذا هو والله الجواب .
ع ، ن : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن أبي عبد الله السيّاريّ ، عن أبي يعقوب البغداديّ (٢) عن ابن السكّيت ، مثله (٣) .
________________________
(١) هو الامامي الثقة الثبت المحدث ، إمام اللغة ، البارع في الادب ، قتله المتوكل العباسي لتشيعه .
(٢) هو يزيد بن حماد الانباري السلمي أبو يعقوب الكاتب ، اورده الشيخ في باب اصحاب الرضا عليه السلام من رجاله ، ووثقة واباه حماد ، وعنونه العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقة وكذا كل من تأخر عنهما .
(٣) رواه في الكافي في كتاب العقل والجهل مع زيادة ، وسيأتي منا كلام حول الحديث .