فزيدوه ومن أنكره فذروه ، إنّه لا بدّ من أن تكون فتنة يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة حتّى يسقط فيها من كان يشقُّ الشَعر بشَعرتين حتّى لا يبقى إلّا نحن وشيعتنا . وذكر أبو جعفر محمّد بن الحسن : أنّه وجد في بعض الكتب ـ ولم يروه ـ بخطّ آدم بن عليّ بن آدم قال عمير الكوفيّ في معنى حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرّب ولا نبيٌّ مرسل : فهو ما رويتم أنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف ، ورسوله لا يوصف ، والمؤمن لا يوصف ، فمن احتمل حديثهم فقد حدَّهم ، ومن حدَّهم فقد وصفهم ، ومن وصفهم بكمالهم فقد أحاط بهم ، وهو أعلم منهم وقال : نقطّع الحديث عمّن دونه فنكتفي به لأنّه قال : صعب ، فقد صعب على كلّ أحد حيث قال : صعب . فالصعب لا يركب ولا يحمل عليه ، لأنّه إذا ركب وحمل عليه فليس بصعب . وقال المفضّل : قال أبو جعفر عليهالسلام : إنّ حديثنا صعبٌ مستصعبٌ ذكوان أجرد ، لا يحتمله ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل ولا عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان . أمّا الصعب فهو الّذي لم يركب بعد ، وأمّا المستصعب فهو الّذي يهرب منه إذا رأى ، وأمّا الذكوان فهو ذكاء المؤمنين ، وأمّا الأجرد فهو الّذي لا يتعلّق به شيءٌ من بين يديه ولا من خلفه ، وهو قول الله : الله نزَّل أحسن الحديث . فأحسن الحديث حديثنا لا يحتمل أحد من الخلائق أمره بكماله حتّى يحدّه ، لأنّ من حدّ شيئاً فهو أكبر منه .
بيان :
قوله : وذكر أبو جعفر كلام تلامذة الصفّار أو كلام الصفّار كما هو دأب القدماء ، وأبو جعفر هو الصفّار ، وحاصل ما نقل عن عمير الكوفيّ هو رفع الاستبعاد
عن أنّ حديثهم لا يحتمله ملك مقرّب ولا نبيٌّ مرسل بأنّ من أحاط بكنه علم رجل وجميع كمالاته فلا محالة يكون متّصفاً بجميع ذلك على وجه الكمال ، إذ ظاهر أنّ من لم يتّصف
بكمال على وجه الكمال لا يمكنه معرفة ذلك الكمال على هذا الوجه ، ولا بدّ في الاطّلاع
على كنه أحوال الغير من مزيّة كما يحكم به الوجدان ، فلا استبعاد في قصور الملائكة
وسائر الأنبياء الّذين هم دونهم في الكمال عن الإحاطة بكنه كمالاتهم وغرائب
حالاتهم . ثمّ قال : نحذف من الحديث آخره الّذي تأبون عن التصديق به ونأخذ أوّله ونحتجُّ عليكم به لكونه مذكورا في أخبار كثيرة ولا يمكنكم إنكاره وهو قوله عليهالسلام : صعب مستصعب فتقول : هذا يكفي لإثبات ما يدلُّ عليه آخر الخبر لأنّ الصعب هو الجمل الّذي يأبى