فجعلت الحوصلة كالمخلاة المعلّقة أمامه ليوعي فيها ما أدرك من الطعم بسرعة ثمَّ تنفذه إلى القانصة على مهل ، وفي الحوصلة أيضاً خلّة اُخرى ، فإنّ من الطائر ما يحتاج إلى أن يزقَّ فراخه فيكون ردّه للطعم من قرب أسهل عليه .
توضيح : أقلّه أي حمله ورفعه . وجسا كدعا : صلب ويبس . ويقال : سحجت جلده فانسحج أي قشرته فانقشر . والتقصّف : التكسّر . والغريض الطريّ ، أي غير مطبوخ . والعجم بالتحريك : النوى . وحضن الطائر بيضته يحضنه : إذا ضمّه إلى نفسه تحت جناحه . وزقّ الطائر فرخه يزقّه أي أطعمه بفيه . وتقوقى أي تصيح . والمحّ بضمّ الميم والحاء المهملة : صفرة البيض ، وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة : وقال الأصمعيّ : اخثرت الزبد ؟ تركته خاثراً ، وذلك إذا لم تذبه : وتنقاب أي تنفلق .
قال المفضّل : فقلت يا مولاي إنّ قوماً من المعطّلة يزعمون أنّ اختلاف الألوان والأشكال في الطير إنّما يكون من قبل امتزاج الأخلاط واختلاف مقاديرها بالمرج و الإهمال . فقال :
يا مفضّل هذا الوشي الّذي تراه في الطواويس والدرّاج والتدارج (١) على استواء ومقابلة كنحو ما يخطّ بالأقلام كيف يأتي به الامتراج المهمل على شكل واحد لا يختلف ؟ ولو كان بالاهمال لعدم الاستواء ولكان مختلفاً .
تأمّل ريش الطير كيف هو ؟ فإنّك تراه منسوجاً كنسج الثوب من سلوك دقاق قد اُلّف بعضه إلى بعض كتأليف الخيط إلى الخيط والشعرة إلى الشعرة ، ثمَّ ترى ذلك النسج إذا مددته ينفتح قليلاً ولا ينشقُّ لتداخله الريح فيقلّ الطائر إذا طار ، وترى في وسط الريشة عموداً غليظاً متيناً قد نسج عليه الّذي هو مثل الشعر ليمسكه بصلابته ، وهو القصبة الّتي هو في وسط الريشة ، وهو مع ذلك أجوف ليخفّ على الطائر ولا يعوقه عن الطيران .
________________________
(١) قال الدميري : التدرج كحبرج : طائر كالدرّاج يغرد في البساتين بأصوات طيبة ، يسمن عند صفاء الهواء وهبوب الشمال ، ويهزل عند كدورته وهبوب الجنوب ، يتخذ داره في التراب اللين ، ويضع البيض فيها لئلا يتعرض للافات . وقال ابن زهر : هو طائر مليح يكون بأرض خراسان وغيرها من بلاد فارس .