وتعالى ذكره وذلك أنّ العاجز لا يستطيع أن يأتي بهذه الخلائق الجليلة العجيبة ، والجاهل لا يهتدي لما فيها من الصواب والحكمة ، والشرير لا يتطاول لخلقها وإنشائها وإذا كان هذا هكذا وجب أن يكون الخالق لهذه الخلائق يدبّرها لا محالة وإن كان لا تدرَك كنه ذلك التدبير ومخارجه فإنّ كثيراً من تدبير الملوك لا تفهمه العامّة ولا تعرف أسبابه لأنّها لا تعرف دخلة أمر الملوك وأسرارهم فإذا عرف سببه وجد قائماً على الصواب و الشاهد المحنة . ولو شككت في بعض الأدوية والأطعمة فيتبيّن لك من جهتين أو ثلاث أنّه حارٌّ أو بارد ألم تكن ستقضي عليه بذلك وتنفي الشكّ فيه عن نفسك ؟ فما بال هؤلاء الجهلة لا يقضون على العالم بالخالق والتدبير مع هذه الشواهد الكثيرة ؟ وأكثر منها ما لا يحصى كثرةً ، لو كان نصف العالم وما فيه مشكلاً صوابه لما كان من حزم الرأي وسمت الأدب أن يقضى على العالم بالإهمال لأنّه كان في النصف الآخر وما يظهر فيه من الصواب والإتقان ما يردع الوهم عن التسرّع إلى هذه القضيّة فكيف وكلّ ما كان فيه إذا فتّش وجد على غاية الصواب حتّى لا يخطر بالبال شيء إلّا وجد ما عليه الخلقة أصحّ وأصوب منه ؟ .
بيان قوله عليهالسلام : للاسم الأقدم لعلّ المراد بالاسم المسمّى ، (١) أو المراد الاسم الّذي أظهره وأثبته في اللّوح قبل سائر الأسماء ، أو المراد الاسم الّذي يخصّ الذات فهو أسبق الأسماء في الاعتبار وأشرفها كما يظهر من الآثار . قوله : والغيب المحظور أي الممنوع عن غيره تعالى إلّا من ارتضاه لذلك . قوله : بالعرض قال الفيروزآباديُّ : عرض الشيء : ظهر ، والعرض : أن يموت الإنسان من غير علّة . والاجتياح : الاستيصال . قوله عليهالسلام : ويلذع يقال : لذعته النار أي أحرقته ، ولذعه بلسانه أي أوجعه بكلام ،
________________________
(١) المراد بالاسم هو المسمى لكن لا كما ذكره رحمه الله وأراد بالمسمى الذات بل كما تدل عليه الاخبار الاتية في أبواب الاسماء الحسنى تحكى عن المصداق المناسب لها ونفس المصداق اسم للذات عزت أسماؤه وأن الاسماء الملفوظة في الحقيقة أسماء الاسماء لكنه رحمه الله عد هذه الاخبار من المتشابهات ولذلك تكلف في أمثال هذه الموارد بما تكلف ؛ وأما المعنيان الاخران فواضح الفساد كيف والامام عليه السلام يوصف هذا الاسم بقوله : ذى الجلال والاكرام . . . . بعد عطف قوله : والنور الاعظم عليه ؛ فتأمل فيه . ط