بيان : اعلم أنَّ من المفهومات عامّة شاملة لا يخرج منها شيء من الأشياء لا ذهناً ولا عيناً كمفهوم الشيء والموجود والمخبر عنه ، وهذه معان اعتباريّة يعتبرها العقل لكلّ شيء ؛ إذا تقرّر هذا فاعلم : أنَّ جماعة من المتكلّمين ذهبوا إلى مجرّد التعطيل ، و منعوا من إطلاق الشيء والموجود وأشباههما عليه ، محتجّين بأنّه لو كان شيئاً شارك الأشياء في مفهوم الشيئيّة وكذا الموجود وغيره . وذهب إلى مثل هذا بض معاصرينا فحكم بعدم اشتراك مفهوم من المفهومات بين الواجب والممكن ، وبأنّه لا يمكن تعقّل ذاته وصفاته تعالى بوجه من الوجوه ، وبكذب جميع الأحكام الايجابيّة عليه تعالى . و يردّ قولهم الأخبار السالفة ، وبناء غلطهم على عدم الفرق بين مفهوم الأمر وما صدق عليه ، وبين الحمل الذاتيّ والحمل العرضيّ ، وبين المفهومات الاعتباريّة والحقائق الموجودة .
فأجاب عليهالسلام بأنَّ ذاته تعالى وإن لم يكن معقولاً لغيره ولا محدوداً بحدّ إلّا أنّه ممّا يصدق عليه مفهوم شيء ، لكن كلّ ما يتصوّر من الأشياء فهو بخلافه لأنَّ كلّ ما يقع في الأوهام والعقول فصورها ، الإدراكيّة كيفيّات نفسانيّة ، وأعراض قائمة بالذهن ، و معانيها مهيّات كلّيّة قابلة للاشتراك والانقسام فهو بخلاف الأشياء . (١)
( باب ١٠ )
* ( أدنى ما يجزى من المعرفة في التوحيد ، وانه لا يعرف الله الا به ) *
١ ـ يد ، ن : ماجيلويه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن مختار بن محمّد بن مختار الهمدانيّ ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته عن أدنى المعرفة فقال : الإقرار بأنّه لا إله غيره ، ولا شبه له ولا نظير له ، وأنّه قديم مثبت ، موجود غير فقيد ، وأنّه ليس كمثله شيء .
________________________
(١) اعلم أن هذا الخبر وما يساوقه في البيان من اخبار التوحيد من غرر الاخبار الواردة عن معادن العلم والحكمة ـ عليهم السلام ـ . وما ذكره المصنف في هذا البيان وما يشابهه من البيانات متألفة من مقدمات كلامية أو فلسفية عامية غير وافية لايضاح تمام المراد منها وإن لم تكن أجنبية عنها بالكلية ، ولبيان لب المراد منها مقام آخر . ط