( باب ١١ )
* ( الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق ) *
الايات ، البقرة : صِبْغَةَ اللَّـهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ١٣٨
الروم : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٣٠
١ ـ مع : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزَّ وجلَّ : « حُنَفَاءَ لِلَّـهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ » فقلت : ما الحنيفيّة ؟ قال : هي الفطرة . (١)
بيان : أي الملّة الحنيفيّة هي التوحيد الّذي فطر الله الخلق عليه ، ويؤمي إليه قوله تعالى : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » واختلف في معنى ذلك الفطرة فقيل : المعنى أنّه خلقهم على نوع من الجبلّة والطبع المتهيّأ لقبول الدين ، فلو ترك عليها لاستمرّ على لزومها ، ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنّما يعدل عنه من يعدل لآفة من الآفات ، وتقليد الآباء والاُمّهات . وقيل : كلّهم مفطورون على معرفة الله والإقرار به فلا تجد أحداً إلّا وهو يقرُّ بأنَّ الله تعالى صانعٌ له ، وإن سمّاه بغير اسمه أو عبد معه غيره . وقيل : المعنى أنَّه خلقهم لها لأنّه خلق كلّ الخلق لأن يوحّدوه ويعبدوه . قال الجزريّ : فيه : خلقت عبادي حنفاء أي طاهري الأعضاء من المعاصي لا أنّه خلقهم كلّهم مسلمين ، لقوله تعالى : « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ » .
وقيل : أراد أنّه خلقهم حنفاء مؤمنين لمّا أخذ عليهم الميثاق : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ » فلا يوجد أحد إلّا وهو مقرٌّ بأنَّ له ربّاً وإن أشرك به ؛ والحنفاء جمع
________________________
(١) الظاهر أنه متحد مع الحديث الاتي تحت الرقم ١١ و ١٢ .