تبيان : قال البيضاويّ : هل ينظرون أي ما ينتظرون يعني أهل مكّة وهم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبّهوا بالمنتظرين . إلّا أن تأتيهم الملائكة ملائكة الموت أو العذاب . أو يأتي ربّك أي أمره بالعذاب ، أو كلّ آية يعني آيات القيامة والهلاك الكلّي لقوله : « أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ » يعني أشراط الساعة . (١)
أقول : لعلّه عليهالسلام فسّر إتيان الربّ بالقيامة ، وإتيان أمره تعالى بقيامها ، وإتيان بعض الآيات بنزول العذاب في الدنيا ، وإتيان الملائكة بظهورهم عند الموت ، أو الأعمّ منه ومن غيره .
وقال الطبرسيّ رحمه الله أولم يروا أنّا نأتي الأرض أي نقصدها . ننقصها من أطرافها اختلف في معناه على أقوال : أحدها : أولم ير هؤلاء الكفّار أنّا ننقص أطراف الأرض بإماتة أهلها . وثانيها : ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها . وثالثها : أنَّ المراد نقصد الأرض ننقصها من أطرافها بالفتوح على المسلمين منها فننقص من أهل الكفر ونزيد في المسلمين ، يعني ما دخل في الإسلام من بلاد الشرك . ورابعها : أنَّ معناه أولم يروا ما يحدث في الدنيا من الخراب بعد العمارة ، والموت بعد الحياة ، والنقصان بعد الزيادة انتهى .
وأمّا ما ذكره عليهالسلام أخيراً في الخبر الأوَّل فالظاهر تعلّقه بالثلاثة الأخيرة ، فالمراد بالاُولى نفوذ أمره تعالى في السماء والأرض ، وخلقه الملائكة والحجج فيهما ، وإنفاذهم أمره تعالى فيهما ، وبالثانية كون الملائكة والحجج معهم شاهدين عليهم ، وكذا الثالثة .
٥ ـ ج : عن يعقوب بن جعفر الجعفريّ ، عن أبي إبراهيم موسى عليهالسلام قال : ذكر عنده قوم زعموا أنَّ الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا ؛ فقال : إنَّ الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنّما منظره في القرب والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه ، وهو ذو الطول لا إله إلّا هو العزيز الحكيم ؛ أمّا قول الواصفين : إنّه ينزل تبارك وتعالى عن ذلك فإنّما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة ، وكلّ متحرّك محتاج إلى من يحرّكه أو يتحرّك به فمن ظنّ الله الظنون
________________________
(١) أشراط الساعة : علائمها .