اقرأ : ثمَّ دنى فتدانا فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إلى عبده يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ما أوحى ؛ يا حبيب إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا فتح مكّة أتعب نفسه في عبادة الله عزَّ وجلَّ والشكر لنعمه في الطواف بالبيت وكان عليٌّ عليهالسلام معه فلمّا غشيهم اللّيل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي ، قال : فلمّا هبطا من الصفا إلى المروة وصارا في الوادي دون العلم الّذي رأيت غشيهما من السماء نور فأضاءت لهما جبال مكّة ، وخسأت أبصارهما ، (١) قال : ففزعا لذلك فزعاً شديداً ، قال : فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى ارتفع من الوادي ، وتبعه عليٌّ عليهالسلام فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله رأسه إلى السماء فإذا هو برمّانتين على رأسه ، قال : فتناولهما رسول الله صلىاللهعليهوآله فأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى محمّد : يا محمّد إنّها من قطف الجنّة فلا يأكل منها إلّا أنت ووصيّك علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله إحديهما ، وأكل عليٌّ عليهالسلام الاُخرى ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى محمّد صلىاللهعليهوآله ما أوحى . قال أبو جعفر عليهالسلام : يا حبيب « وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ » يعني عندها وافا به جبرئيل حين صعد إلى السماء ، قال : فلمّا انتهى إلى محلّ السدرة وقف جبرئيل دونها وقال : يا محمّد إنّ هذا موقفي الّذي وضعني الله عزَّ وجلَّ فيه ، ولن أقدر على أن أتقدّمه ، ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة ، فوقف عندها ؛ قال : فتقدّم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى السدرة وتخلّف جبرئيل عليهالسلام ، قال أبو جعفر عليهالسلام : إنّما سمّيت سدرة المنتهى لأنّ أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محلّ السدرة ، و الحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما ترفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض ، قال : فينتهون بها إلى محلّ السدرة ، قال : فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآله فرأى أغصانها تحت العرش وحوله ، قال : فتجلّى لمحمّد صلىاللهعليهوآله نور الجبّار عزَّ وجلَّ ، فلمّا غشي محمّداً صلىاللهعليهوآله النور شخص ببصره ، وارتعدت فرائصه ، قال : فشدَّ الله عزَّ وجلَّ لمحمّد قلبه و قوّى له بصره حتّى رأى من آيات ربّه ما رأى ، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ : « وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ » قال يعني الموافاة ، قال : فرأى محمّد صلىاللهعليهوآله ما رأى ببصره من آيات ربّه الكبرى ، يعني أكبر الآيات .
قال أبو جعفر عليهالسلام : وإنَّ غلظ السدرة بمسيرة مائة عام من أيّام الدنيا ، وإنّ
________________________
(١) خسأ البصر : كل وأعيا .