فقال : إنَّ الله تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض ، وكانت الملائكة تستدلّ بأنفسها وبالعرش والماء على الله عزَّ وجلَّ ، ثمَّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلم أنّه على كلّ شيء قدير ، ثمَّ رفع العرش بقدرته ونقله ، وجعله فوق السماوات السبع ، ثمَّ خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام وهو مستول على عرشه ، وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنّه عزَّ وجلَّ خلقها في ستّة أيّام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شيء فيستدلّ بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرَّة بعد مرَّة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه لأنّه عنيٌّ عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش لأنّه ليس بجسم ، تعالى عن صفة خلقه علوّاً كبيراً .
١٥ ـ يد ، مع ، ن : المعاذي ، عن أحمد الهمدانيّ ، (١) عن عليّ بن فضّال ، (٢) عن أبيه قال : سألت الرضا عليهالسلام عن قول الله عزَّ وجلَّ : « كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ » فقال : إنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان يحلّ فيه فيحجب عنه فيه عباده ، ولكنّه يعني أنّهم عن ثواب ربّهم محجوبون .
قال : وسألته عن قوله الله عزَّ وجلَّ « وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا » فقال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يوصف بالمجيىء والذهاب ، تعالى عن الانتقال ، إنّما يعني بذلك وجاء أمر ربّك والملك صفّاً صفّاً .
________________________
(١) هو أحمد بن محمد بن سعيد السبيعي الهمداني الحافظ ، المكنى بأبي العباس ، المعروف بابن عقدة ، كان كوفيا زيديا جاروديا ثقة ، تقدم ترجمته مفصلا .
(٢) هو علي بن الحسن بن علي بن فضال بن عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعي الفياض أبو الحسن كان فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه ، سمع منه شيئا كثيراً ولم يعثر له على زلة فيه ولا ما يشينه ، وقل ما روى عن ضعيف ، وكان فطحيا ، ولم يرو عن أبيه شيئا ، وقال : كنت اقابله ـ وسني ثمان عشرة سنة ـ بكتبه ، ولا أفهم إذ ذاك الروايات ، ولا أستحل أن أرويها عنه ، وروى عن أخويه عن أبيهما ، وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله إنّه رأى نسخة أخرجها أبو جعفر بن بابويه ، وقال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه عن الرضا عليه السلام ، ولا يعرف الكوفيون هذه النسخة ، ولا رويت من غير هذا الطريق . قاله النجاشي وعدّ له كتباً كثيرة .