إلّا أن يأتيهم أمر الله أي عذاب الله ، وما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب ، و قيل : قطع من السحاب ، وهذا كما يقال : قتل الأمير فلاناً وضربه وأعطاه ، وإن لم يتولّ شيئاً من ذلك بنفسه ، بل فعل بأمره فاُسند إليه لأمره به . وقيل : معناه ما ينتظرون إلّا أن تأتيهم جلائل آيات الله ، غير أنّه ذكر نفسه تفخيماً للآيات كما يقال : دخل الأمير البلد ويراد بذلك جنده ، وإنّما ذكر الغمام ليكون أهول ، فإنَّ الأهوال تشبه بظلل الغمام كما قال سبحانه : « وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ » وقال الزجّاج : معناه : يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب ، كما قال : « فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا » أي أتاهم بخذلانه إيّاهم ؛ والأقوال متقاربة . وقد يقال : أتى وجاء فيما لا يجوز عليه المجيىء والذهاب ، يقال : أتاني وعيد فلان ، وجاءني كلام فلان ، وأتاني حديثه ، ولا يراد به الإتيان الحقيقيّ ، ثمَّ قال : وقرأ أبو جعفر الملائكة بالجرّ ، قال : وقيل : معنى الآية : إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّـهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ أي بجلائل آياته وبالملائكة . انتهى أقول : على قرائته عليهالسلام لا يحتاج إلى شيء من هذه التأويلات .
١٦ ـ ج : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام أنَّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال في جواب اليهوديّ الّذي سأل عن معجزات الرسول صلىاللهعليهوآله : إنّه اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة ، حتّى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلّى ، فدلّى له من الجنّة رفرف أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربّه بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى . الخبر .
بيان : الضمير في قوله : بينها راجع إلى الجنّة ، ورجوعه إلى العظمة بعيد .
١٧ ـ يد ، ع : ابن عصام ، عن الكلينيّ ، عن عليّ بن
محمّد بن سليمان ، عن إسماعيل ابن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد التميميّ ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد
، عن زيد بن عليّ قال : سألت أبي سيّد العابدين عليهالسلام فقلت له : يا أبة أخبرني عن جدّنا رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا عرج به إلى السماء وأمره ربّه
عزَّ وجلَّ بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن اُمّته حتّى قال له موسى بن عمران عليهالسلام : ارجع الى ربّك