والاثبات أيضا مما قدجف به القلم فلا يمحو إلا ما سبق في علمه وقضائه محوه ، ثم قال : قالت الرافضة : البداء جائز على الله تعالى وهو أن يعتقد شيئا ثم يظهر له أن الامر بخلاف ما اعتقده ، وتمسكوا فيه بقوله تعالى : «يمحو الله ما يشاء» انتهى كلامه لعنه الله.
ولا أدري من أين أخذ هذا القول الذي افترى عليهم مع أن كتب الامامية المتقدمين عليه كالصدوق والمفيد والشيخ والمرتضى وغيرهم رضوان الله عليهم مشحونة بالتبري عن ذلك ، ولا يقولون إلا ببعض ما ذكره سابقا أو بما هو أصوب منها كما ستعرف ، والعجب أنهم في أكثر الموارد ينسبون إلى الرب تعالى مالا يليق به ، والامامية قدس الله أسرارهم يبالغون في تنزيهه تعالى ويفحمونهم بالحجج البالغة ، ولما لم يظفروا في عقائدهم بما يوجب نقصا يباهتونهم ويفترون عليهم بأمثال تلك الاقاويل الفاسدة ، وهل البهتان و الافتراء إلادأب العاجزين؟ ولو فرض أن بعضا من الجهلة المنتحلين للتشيع قال بذلك فالامامية يتبرؤون منه ومن قوله كما يتبر ؤون من هذا الناصبي وأمثاله وأقاويلهم الفاسدة.
فأما ماقيل في توجيه البداء فقد عرفت ما ذكره الصدوق والشيخ قدس الله روحهما في ذلك (١)
___________________
(١) تقدم توجيه الصدون بعد الخبر الواقع تحت رقم ٢٦ وكلام الشيخ بعد رقم ٤١. ولهما ولغيرهما من أعلام الشيعة حول مسألة البداء مقالات اخرى لا يخلو ذكرها عن فائدة.
قال الصدوق في كتاب العقائد : «باب الاعتقاد في البداء» إن اليهود قالوا : إن الله تبارك وتعالى قد فرغ من الامر : قلنا : بل هو تعالى كل يوم هو في شأن ، لا يشغله شأن عن شأن ، يحيى ويميت ، ويخلق ويرزق ، ويفعل ما يشاء ، وقلنا : «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب» وأنه لا يمحو إلا ما كان ، ولايثبت إلا مالم يكن ، وهذا ليس يبداء كما قالت اليهود واتباعهم فنسبنا في ذلك إلى القول بالبداء ، وتبعهم على ذلك من خالفنا من أهل الاهواء المختلفة ، وقال الصادق عليهالسلام : » ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه الاقرار لله بالعبودية وخلع الانداد ، وان الله يؤخر ما يشاء ، ويقدم ما يشاء «ونسخ الشرايع والاحكام بشريعة نبينا وأحكامه من ذلك ، ونسخ الكتب بالقرآن من ذلك ، وقال الصادق عليهالسلام : «من زغم أن الله عزوجل بدا في شئ ولم يعلمه أمس فأيرء منه» وقال : « من زعم أن الله بداله من شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم » اه.
وقال الشيخ الطوسى في العدة : البداء حقيقة في اللغة هو الظهور ، ولذلك يقال : بدالنا سور المدينة ، وبدالنا وجه الرأي ، وقال الله تعالى : «وبدالهم سيئات ما عملوا ، وبدالهم سيئات *