وقد قيل فيه وجوه اخر :
الاول : ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه في نبراس الضياء حيث قال : البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما في الامر التشريعي والاحكام التكليفية نسخ فهو في الامر التكويني والمكونات الزمانية بداء فالنسخ كأنه بداء تشريعي ، والبداء كأنه نسخ تكويني ، ولابداء في القضاء ولابالنسبة إلى جناب القدس
___________________
* ماكسبوا» ويراد بذلك كله «ظهر» وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد أن لم يكن حاصلا ، وكذلك في الظن ، فأما إذا اضيف هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز اطلاقه عليه ومنه مالا يجوز ، فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه. ويكون اطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع ، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين عليهماالسلام من الاخبار المتضمنة لاضافة البداء إلى الله تعالى ، دون ما لايجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن ، ويكون وجه اطلاق ذلك فيه تعالى والتشبيه هو أنه اذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين مالم يكن ظاهرا الهم ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلالهم اطلق على ذلك لفظ البداء.
وذكر سيدنا الاجل المرتضى قدس الله روحه وجها آخر في ذلك : وهو أن قال : يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يقال : بداله تعالى بمعنى أنه ظهر له من الامر مالم يكن ظاهرا له ، و بداله من النهى مالم يكن ظاهرا له ، لان قبل وجود الامر والنهى لا يكونان ظاهرين مدركين ، وإنما يعلم أنه يامر أو ينهى في المستقبل ، فاما كونه آمرا أو ناهيا فلا يصح أن يعلمه الا اذا وجد الامر والنهي ، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى : «ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم» ، بان نحمله على أن المراد به حتى نعلم جهاد كم موجودا ، لان قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا ، وانما يعلم كذلك بعد حصوله فكذلك. القول في البداء وهذا وجه حسن جدا اه.
وقال الامام العلامة ، معلم الامة الشيخ المفيد محمد بن النعمان في كتاب تصحيح الاعتقاد في شرح ما قدمنا من كلام الصدوق : قول الامامية في البداء طريقه السمع دون العقل وقد جاءت الاخبار به عن أئمة الهدى : ، والاصل في البداء هو الظهور ، قال الله تعالى «وبدالهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون» يعنى به ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم وتقديرهم ، وقال : «وبدالهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم» يعنى ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم ذلك ، وتقول العرب : «قد بدا لفلان عمل حسن ، وبدا له كلام فصيح» كما يقولون : «بدا من فلان كذا» فيجعلون اللام قائمة مقامه ، فالمعنى في قول الامامية : بدا لله في كذا أى ظهر له فيه ، ومعنى ظهر فيه أى ظهر منه ، وليس المراد منه تعقب الراى ووضوح أمر كان قد خفى عنه ، وجميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه بعد أن لم تكن فهى معلومة فيما لم يزل ، وانما يوصف منها بالبداء مالم يكن في الاحتساب ظهوره ، ولا في غالب الظن وقوعه ، فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه لفظ