القبلة (١). ومن كان في حكم المشاهد يجري مجراه ، فمن كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل فهو كالمشاهد ، لتمكنه من العلم ، وكذا الأعمى.
وأما من بعد فالواجب عليه الاستقبال إلى جهتها ، لقوله تعالى ( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٢) والمراد هنا ما يظن به الكعبة ، حتى لو ظن خروجه عنها لم يصح.
وقال الشيخ رحمهالله : الكعبة قبلة من كان في المسجد الحرام ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الدنيا ، لقول الصادق عليهالسلام : إن الله جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا (٣).
والمصلي : إما أن يقف في جوف الكعبة ، فله أن يستقبل أي جدرانها شاء ، وتصح صلاته فرضا ونفلا ، لأنه متوجه إلى بعض أجزاء الكعبة ، فتصح كالنافلة ، وكما لو توجه إليها من خارج ، لكنه مكروه ، لما فيه من الاستدبار.
ويجوز أن يستقبل الباب ، سواء كان مردودا أو مفتوحا ، وسواء كانت له عتبة مرتفعة قدر مؤخر الرجل وهو ثلاث ذراع إلى ذراع تقريبا ، ليكون في سجوده يسامت بمعظم بدنه الشاخص أو أقل ، أو لا يكون له عتبة أصلا.
ولو انهدمت الكعبة ـ والعياذ بالله ـ فإن وقف خارج العرصة وصلى إليها جاز ، لأن التوجه إلى هواء البيت ، فأشبه من صلى على جبل أبي قبيس. وإن صلى فيها صح إذا أبرز بين يديه شيئا من العرصة ، سواء كان بين يديه شاخص يستقبله أو لا ، وكذا لو صلى على سطحها.
وإما أن يقف خارجها في المسجد الحرام ، فله أن يستقبل أي جدرانها شاء ، لأنها كلها قبلة. ويجوز أن يستقبل الحجر ، لأنه عندنا من الكعبة.
ويجب أن يستقبلها بجميع بدنه ، فلو وقف على بعض الأركان واستقبله
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ ـ ٢١٥ ح ٣.
(٢) سورة البقرة : ١٥٠.
(٣) وسائل الشيعة : ٣ ـ ٢٢٠ ح ١.