وإن قدر على القرب انحرف إلى الصواب ، مثاله : إذا عرف أن قبلته يسار المشرق والسماء متغيمة ، فتوجه إلى جهة ظن أنها اليسار ، وانجاب الغيم بحذائه وظهر كوكب قريب من الأفق ، فقد يعلم الخطأ يقينا إذا ظهر له أنه مشرق أو مغرب.
ثم قد يعرف الصواب على القرب ، بأن يرتفع الكوكب ، فيعلم أنه مشرق أو ينحط فيعلم أنه مغرب ، ويترتب على ذلك معرفة القبلة ، وقد يعجز بأن يستمر انطباق الغيم.
هذا كله إذا كان بين التيامن والتياسر. وأما إذا كان مستدبرا فإنه يستأنف الصلاة ، لئلا يجمع في صلاة واحدة إلى جهتين.
فروع :
الأول : إذا صلى بالاجتهاد ، ثم دخل عليه وقت أخرى ، أو أراد قضاء فائتة ، احتمل وجوب تجديد الاجتهاد واختاره الشيخ سعيا في إصابة الحق ، فإن الاجتهاد الثاني إن وافق الأول تأكد الظن ، وإن خالفه فكذلك ، لأن تغير الاجتهاد لا يكون إلا لأمارة أقوى من الأمارة الأولى ، وآكد الظنين أقرب إلى اليقين. ويحتمل عدمه ، إذ الأصل استمرار الظن الأول ، فيجري عليه إلى أن يظهر خلافه.
وكذا الاحتمالان في طلب الماء في التيمم ، وفي المفتي إذا استفتى عن واقعة فاجتهد وأجاب ، ثم استفتى مرة أخرى عنها. وفرق بين تجديد الطلب وتجديد الاجتهاد ، فإن تجديد الطلب مخصوص بما إذا لم يبرح من مكانه ، فإن الطلب في موضع لا يفيد معرفة العدم في آخر ، ولا يختص تجديد الاجتهاد بذلك المكان ، لأن أكثر أدلة القبلة سماوية لا تختلف بالمسافات القريبة.
الثاني : لو أدى اجتهاد رجلين إلى جهتين ، عمل كل على اجتهاده ، ولا يقتدي أحدهما بالآخر ، لأن كل واحد منهما مخطئ عند صاحبه.
ولو اتفق اجتهادهما فأم أحدهما صاحبه ، ثم تغير اجتهاد المأموم في الأثناء ،