والبقاء ، والحاصل أن حب الحياة الفانية الدنيوية إنما يذم إذا آثرها على ما يوجب الحياة الباقية الاخروية ، ويدل عليه خبر شعيب العقرقوني ، وفضيل بن يسار ، (١) وهذا الوجه قريب من الوجه الثالث.
الخامس : أن العبد يلزم أن يكون في مقام الرضا بقضاء الله ، فإذا اختار الله له الحياة فيلزمه الرضا بها والشكر عليها ، فلو كره الحياة والحال هذه فقد سخط ما ارتضاه الله له وعلم صلاحه فيه ، وهذا مما لا يجوز ، وإذا اختار الله تعالى له الموت يجب أن يرضى بذلك ، ويعلم أن صلاحه فيما اختاره الله له فلو كره ذلك كان مذموما ، وأما الدعاء لطلب الحياة والبقاء لامره تعالى بذلك فلا ينافي الرضاء بالقضاء ، وكذا في الصحة والمرض والغنى والفقر وسائر الاحوال المتضادة يلزم الرضا بكل منها في وقته ، وأمرنا بالدعاء لطلب خير الامرين عندنا ، فما ورد في حب الموت إنما هو إذا أحب الله تعالى ذلك لنا ، وأما الاقتراح عليه في ذلك وطلب الموت فهو كفر لنعمة الحياة ، غير ممدوح عقلا وشرعا كطلب المرض والفقر وأشباه ذلك ، وهذا وجه قريب ، ويؤيده كثير من الآيات والاخبار والله تعالى يعلم.
(باب ٥)
*(ملك الموت واحواله واعوانه وكيفية نزعه للروح)*
الايات ، الانعام « ٦ » وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم خفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ٦١.
الاعراف « ٧ » حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ٣٧.
يونس « ١٠ » ولكن اعبدوا الله الذي يتوفيكم ١٠٤.
النحل « ١٦ » الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم ٢٨ «وقال تعالى» : الذين تتوفيهم الملائكة طيبين ٣٢.
__________________
(١) الواقعان تحت رقمى ١٩ و ١٠.