« يغشى الناس » يعني أن الدخان يعم جميع الناس ، وعلى القول الاول المراد بالناس أهل مكة ، فقالوا ، ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون بمحمد صلىاللهعليهوآله والقرآن قال سبحانه : « أنى لهم الذكرى » أي من أين لهم التذكر والاتعاظ ، وقد جاءهم رسول مبين أي وحالهم أنهم قد جاءهم رسول ظاهر الصدق والدلالة « ثم تولوا عنه » أي أعرضوا عنه ولم يقبلوا قوله وقالوا : « معلم مجنون » ثم قال سبحانه : « إنا كاشفوا العذاب » أي الجوع والدخان « قليلا » أي زمانا يسيرا إلى يوم بدر « إنكم عائدون » في كفركم وتكذيبكم ، أو عائدون إلى العذاب الاكبر وهو عذاب جهنم ، والقليل مدة بين العذابين « يوم نبطش البطشه الكبرى » أي واذكر ذلك اليوم يعني يوم بدر على القول الاول وعلى القول الآخر يوم القيامة ، والبطش : هو الاحذ بشدة « إنا منتقمون » منهم ذلك اليوم.
وقال رحمه الله في قوله تعالى : « فهل ينظرون إلا الساعة » : أي فليس ينتظرون إلا القيامة « أن تأتيهم بغتة » أي فجاءة « فقد جاء أشراطها » أي علاماتها « فأنى لهم إذا جائتهم ذكراهم أي » فمن أين لهم الذكرى والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة؟.
وقال الرازي في تفسيره : إن موضع السدين في ناحية الشمال ، وقيل : جبلان بين أرمينية وبين آذربيجان ، وقيل : هذا المكان في مقطع عرض الترك.
وحكى محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن صاحب آذربيجان أيام فتحها وجه إنسانا من ناحية الخزر فشاهده ووصف أنه بنيان رفيع وراء خندق عميق وثيق متسع.
وذكر ابن خرداد في كتاب المسالك والممالك أن الواثق بالله رأى في المنام كأنه فتح هذا الردم فبعث بعض الخدم إليه ليعاينوه فخرجوا من باب الابواب حتى وصلوا إليه و شاهدوه ، فوصفوا أنه بناء من اللبن من حديد مشدود بالنحاس المذاب ، وعليه باب مقفل ، ثم إن ذلك الانسان لما حاول الرجوع أخرجهم الدليل إلى البقاع المحاذية لسمرقند.
قال أبوالريحان : مقتضى هذا أن موضعه في الربع الشمالي في الغربي من المعمورة والله أعلم بحقيقة الحال. ثم قال : عند الخروج من وراء السد يموجون مزدحمين في البلاد يأتون البحر فيشربون ماءه ، ويأكلون دوابه ، ثم يأكلون الشجر ، ويأكلون