اليوم »؟ فلا يجيبه مجيب ، فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله مجيبا لنفسه : « لله الواحد القهار » وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم ، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، لا شريك لي ولا وزير ، (١) وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيتي ، وأنا احييهم بقدرتي ، قال : فنفخ الجبار نفخة في الصور يخرج (٢) الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات أحد إلا حي وقام كما كان ، ويعود حملة العرش ، ويحضر الجنة والنار ، ويحشر الخلائق للحساب ، قال : فرأيت علي بن الحسين صلوات الله عليهما يبكي عند ذلك بكاءا شديدا. « ص ٥٨٠ ـ ٥٨١ »
بيان : قوله عليهالسلام : مستقلا بعظمته أي بلا حامل. والجهوري : العالي.
أقول : سئل عن المفيد رحمه الله في المسائل السروية عن قوله تعالى : « لمن الملك اليوم » إن هذا خطاب منه لمعدوم لانه يقوله عند فناء الخلق ثم يجيب نفسه فيقول : « لله الواحد القهار » وكلام المعدوم سفه لا يقع من حكيم ، وجوابه عن سؤاله لمعدوم أو تقريره إياه خلاف الحكمة في المعقول ، فأجاب المفيد رحمه الله : بأن الآية غير متضمنة للخبر عن خطاب معدوم ، وهو قوله عزوجل : « لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ » ويوم التلاق هو يوم المحشر عند التقاء الارواح والاجساد ، وتلاقي الخلق بالاجتماع في صعيد واحد ، وقوله : « يوم هم بارزون » تأكيد لذلك ، إذ كان البروز لا يكون إلا لموجود ، ثم ليس في الآية أن الله هو القائل لذلك فيحتمل أن يكون القائل ملكا امر بالنداء فأجابه أهل الموقف ، ويحتمل أن يكون الله تعالى هو القائل مقررا غير مستخبر والمجيبون هم البشر المبعوثون ، أو الملائكة الحاضرون ، ووجه آخر وهو أن قوله : « لمن الملك » يفيد وقوعه في حال إنزال الآية دون المستقبل ألا ترى إلى قوله : « لتنذر يوم التلاق » الآية ، فكان : قوله : « لمن الملك اليوم » تنبيها على أن الملك لله تعالى وحده يومئذ ، ولم يقصد به إلى تقرير والا استخبار ، وقوه تعالى : « لله الواحد القهار » تأكيد للتنبيه والدلالة على تفرده تعالى بالملك دون من سواه انتهى.
__________________
(١) في المصدر : ولا وزير لى ، انا اه. م
(٢) في المصدر : فيخرج. م