ومعرفتهما مقرونتان ، وأن أصل الايمان إنما هو الشهادة ، فجعل شهادتين (١) في الاذان كما جعل في سائر الحقوق شهادتين ، فإذا أقر لله بالوحدانية وأقر للرسول بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان ، لان أصل الايمان إنما هو الاقرار بالله وبرسوله.
فإن قال : فلم جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة؟ قيل : لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة ، فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الاذان فقدم المؤذن قبلها أربعا : التكبيرتين والشهادتين ، وأخر بعدها أربعا يدعو إلى الفلاح حثا على البر والصلاة ، ثم دعا إلى خير العمل ، مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها ، ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعا ، كما أتم قبلها أربعا ، وليختم كلامه بذكر الله تعالى كما فتحه بذكر الله تعالى. (٢)
فإن قال : فلم جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في أولها التكبير؟ قيل : لان التهليل اسم الله في آخره فأحب الله تعالى أن يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه.
فإن قال : فلم لم يجعل بدل التهليل التسبيح أو التحميد واسم الله في آخرهما؟ (٣) قيل : لان التهليل هو إقرار لله تعالى بالتوحيد وخلع الانداد من دون الله ، وهو أول الايمان وأعظم التسبيح والتحميد.
فإن قال : فلم بدئ في الاستفتاح والركوع والسجود والقيام والقعود بالتكبير؟ قيل : للعلة التي ذكرناها في الاذان.
فإن قال : فلم جعل الدعاء في الركعة الاولى قبل القراءة؟ ولم جعل في الركعة الثانية القنوت بعد القراءة؟ قيل : لانه أحب أن يفتح قيامه لربه وعبادته بالتحميد والتقديس والرغبه والرهبة ، ويختمه بمثل ذلك ، ليكون في القيام عند القنوت طول (٤)
__________________
(١) في العلل : فجعلت شهادتين شهادتين كما جعل اه. م
(٢) في العلل : بذكر الله وتحميده تعالى كما فتحه بذكر الله وتحميده تعالى. م
(٣) في العلل : في آخر الحرف من هذين الحرفين. م
(٤) في العلل : بعض الطول. م