البحث السادس
( في نية الاقتداء )
يشترط في الاقتداء أن ينوي المأموم الاقتداء ، وإلا لم تكن صلاته صلاة جماعة ، إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نواه ، وعليه الإجماع.
ولا يكفي نية الجماعة ، لاشتراكها بين الإمام والمأموم ، فليس في نية الجماعة ربط الفعل بفعل الغير ، ولأن المأموم يسقط عنه وجوب القراءة الثانية على المنفرد. فإذا لم ينو الاقتداء ، انعقدت صلاته منفردا ، فإذا ترك القراءة ، بطلت صلاته ، وكذا لو قرأ معتقدا عدم الوجوب.
ولا يكفي المتابعة من غير نية في الاقتداء ، فإن تابع من غير نية الاقتداء ، صحت صلاته إذا فعل ما يفعله المنفرد ، للامتثال ، ولم يحصل منه سوى مقارنة فعله بفعل غيره.
ولو شك هل نوى الاقتداء أم لا؟ احتمل أن يكون حكمه حكم الشاك في أصل النية ، فإن كان المحل باقيا استأنف ، وإلا فلا التفات ، ويبني على ما فعله معه إن كان متابعا تاركا للقراءة ، فهو مأموم وإلا فمنفرد.
ولو كان ذلك قبل القراءة ، فإن جوزنا ايتمام المنفرد في الأثناء ، جدد نية الايتمام ، وإلا احتمل البطلان والتخيير والانفراد ، واحتمل مخالفته للشك في أصل النية (١) ، إذ لا يمكن الاستمرار هنا على نية الاقتداء ، ولا على نية الانفراد ، لتضاد حكمهما.
ويجب أن ينوي الاقتداء بإمام معين ، إما بالاسم ، أو الصفة ، ولو بكونه الإمام الحاضر ليمكن متابعته.
ولو عين وأخطأ ، بأن نوى الاقتداء بزيد ، فبان أنه عمرو ، بطلت صلاته ، لأنه لم ينو الاقتداء بهذا المتبوع وما نواه لم يقع له ، لعدم إمكانه.
__________________
(١) في « ق » و.