ولو ابتدأ بسفر الطاعة ، ثم عدل إلى قصد المعصية ، انقطع ترخصه حينئذ ، فإن عاد إلى سفر الطاعة ، عاد إلى الترخص إن كان الباقي مسافة ، وإن لم يكن لكن بلغ المجموع من السابق والمتأخر مسافة ، احتمل القصر ، لوجود المقتضي ، وهو قصد المسافة مع انتفاء مانعية قصد المعصية. والمنع اعتبارا بالباقي ، كما لو قصد الإقامة في أثناء المسافة.
ولا يترخص العاصي بسفره في تناول الميتة عند الاضطرار ، لما فيه من التخفيف على العاصي ، وهو متمكن من دفع الهلاك عن نفسه ، بأن يتوب ثم يأكل ، ويحتمل الجواز ، لاشتماله على إحياء النفس المشرفة على الهلاك ، ولأن المقيم متمكن من تناول الميتة عند الاضطرار ، فليس ذلك من رخص السفر ، فأشبه تناول الأطعمة المباحة لما لم يكن من خصائص السفر ، لم يمنع منه العاصي بسفره ، والأشهر الأول.
ولو عدم الماء في سفر المعصية ، وجب التيمم ، ولم يجز له ترك الصلاة ، والأقرب عدم وجوب الإعادة ، لاقتضاء الأمر الإجزاء.
ولو وثب من بناء عال أو من جبل متلاعبا ، فانكسرت رجله ، صلى قاعدا ولا إعادة ، لأن ابتداء الفعل باختياره دون دوام العجز.
والسفر لزيارة القبور والمشاهد يوجب الرخص ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتي قبا راكبا وماشيا ويزور القبور ، وقال : زوروها تذكركم الآخرة (١).
ولو سافر للتنزه والتفرج ، فالأقرب الترخص لإباحته ، أما اللاهي بسفره كطالب الصيد لهوا وبطرا ، فإنه لا يقصر ، لأن زرارة سأل الباقر عليهالسلام عمن يخرج من أهله بالصقورة والكلاب يتنزه الليلة والليلتين والثلاث هل يقصر من صلاته أم لا؟ فقال : لا يقصر إنما خرج في لهو (٢). ولأن اللهو حرام فالسفر له معصية.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ ـ ٥٠٠ الرقم ١٥٦٩.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٥١١ ح ١.