كما لو أوصى للفقراء فإنه يشمل المساكين. وكذا لو أوصى للمساكين فإنه يشمل الفقراء ، أما لو جمع بينهما وميز بينهما تمييزا ، كما في آية الزكاة.
وقد اختلف في أيهما أسوأ حالا وأشد فاقة؟ فقيل : الفقير وهو الذي لا شيء له البتة ، أو له شيء يسير لا يقع موقعا من حاجته ، والمسكين هو الذي له بلغة من العيش لا يكفيه ولا ما يقع موقعا من حاجته ، وإذا (١) احتاج إلى عشرة يكسب ستة أو أكثر فما دون العشرة.
لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استعاذ من الفقر ، وقال : « اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين » (١).
ولأن العرب يبتدئ بالأهم ، وقد تقدم ذكر الفقر في الآية.
ولأنه مشتق من كسر الفقار ، فإنه فعيل بمعنى مفعول ، أي مكسور فقار الظهر ، ولقوله تعالى ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ ) (٢) وسفينة البحر تساوي جملة من المال.
وقيل : بالعكس لقوله تعالى ( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) (٣) وهو المطروح على التراب لشدة حاجته ، ولأنه يؤكد به ، فيقال : فقير مسكين ، إذا أريد المبالغة في الحاجة ، ولقول الشاعر :
أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال ولم يترك له سبد (٤) إذا عرفت هذا فإن الشامل لهما المقتضي لتسويغ الإعطاء ، قصور مال كل واحد منهما عن مئونة سنة له ولعياله على الاقتصار.
والمانع من الإعطاء الغنى ، وهو أن يكون الشخص مالكا لقوت سنة له
__________________
(١) في « ر » كما إذا احتاج إلى عشرة فكسب.
(٢) المستدرك كتاب الزكاة الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الصدقة ح ١٥.
(٣) سورة الكهف ٧٩.
(٤) سورة البلد ١٦.
(٥) راجع مجمع البيان ٣ ـ ٤٢.