ولعياله على الاقتصاد من غير إسراف ولا تقتير ، فمتى ملك ذلك حرم عليه أخذ الصدقة ، لقول الصادق عليهالسلام : لا تصلح لغني (١). ولأن من ليس له كفاية محتاج. والحاجة ترادف الفقر ، لقوله تعالى ( أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ) (٢) أي المحتاجون ، فيصدق عليه اسم الفقر.
والقادر على تكسب ما يمون به نفسه وعياله ، لا يحل له أخذ الزكاة وإن لم يملك نصابا ، لأنه كالغني في عدم الاحتياج.
وقد روي أن رجلين أتيا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقسم الصدقة ، فسألاه شيئا منها ، فصعد بصره فيهما وصوبه وقال لهما : إن شئتما أعطيتكما. ولا حظ فيها للغني ولا لقوي مكتسب (٣).
وكذا ذو الصنعة إذا كانت صنعته تفي بمئونته ومئونة عياله على الدوام.
ولو ذكر الصحيح الجلد أنه لا كسب له ، أعطي منها وقبل قوله بغير يمين إذا لم يعلم كذبه ، لأنه عليهالسلام أعطى الرجلين ولم يحلفهما ، ولأن الأصل في المسلم العدالة والصدق ، ولأن الفقر من الأمور الخفية وإنما يظهر بقول صاحبه ، والإخبار لا يفيد اليقين بل الظن ، وهو حاصل من قوله.
ولو ادعى أن له عائلة لا يكفيهم كسبه ، قبل قوله أيضا من غير يمين ، وإن أمكنه إقامة البينة عليه.
وكذا لو كان له مال وادعى تلفه ، إما بسبب خفي أو ظاهر ، وإن كان الأصل بقاؤه ، لأصالة صدق المسلم.
ويجوز إعطاء صاحب دار السكنى وفرس الركوب وعبد الخدمة وثياب التجمل ، لاحتياجه إلى ذلك واضطراره إلى ذلك فأشبه الثوب ، ولقول الصادق عليهالسلام : تحل الزكاة لصاحب الدار والخادم (٤). ولأنها لا تباع في الدين
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ ـ ١٥٩ ح ٣.
(٢) سورة فاطر ١٥.
(٣) جامع الأصول ٥ ـ ٣٦٧.
(٤) وسائل الشيعة ٦ ـ ١٦٢ ح ٤.