ولو استغنى المدفوع إليه بالمال أو به وبمال آخر ، جاز احتسابه من الزكاة ، لأن الزكاة إنما تصرف إلى الفقير ليستغني به ، فلا يصير ما هو المقصود مانعا من الأجر. وإن استغنى بمال آخر ، لم يجز احتساب المدفوع من الزكاة ، لخروجه عن أهلية الاستحقاق.
ولو عرض شيء من الحالات المانعة من الاستحقاق كردة ، أو استغنى ثم زال وكان بصفة الاستحقاق عند تمام الحول ، جاز الاحتساب من الزكاة.
وإذا أخذ الإمام من المالك قبل تمام الحول مالا للمساكين ، فإما أن يكون على وجه القرض ، أو ليحتسبه عن زكاته عند تمام الحول. فإن أخذه قرضا ، فإن كان قرضا بسؤال المساكين ، فضمانه عليهم ، سواء تلفت في يده ، أو سلمه إليهم ، كما لو استقرض الرجل مالا لغيره بإذنه.
ثم الدافع إن لم يعلم أن الإمام استقرض للمساكين بإذنهم ، كان له مطالبة الإمام ، ويرجع الإمام على المساكين ، وإلا لم يكن له مطالبته ، كالوكيل في الشراء.
ولو أقرضه المالك للمساكين ابتداء من غير سؤالهم اختلف في يد الإمام ، فلا ضمان على المساكين لعدم الطلب ، ولا على الإمام لأنه وكيل المالك ، كما لو دفع إليه مالا ليدفعه إلى ثالث فتلف.
ولو استقرضه الإمام بسؤال المالك والمساكين جميعا فهلك عنده ، فالأقرب أنه من ضمان المساكين ، لأنه دفعه ليستعيد عوضه.
ولو استقرضه لا بسؤال أحد منهما ، فإن لم يكن لهم حاجة إلى القرض ، فالقرض يقع للإمام وعليه ضمانه من خالص ماله ، سواء تلف في يده ، أو دفعه إلى المساكين. ثم إن تبرع بالدفع لم يرجع.
وإن أقرضهم فقد أقرضهم من مال نفسه فله الرجوع ، وإن استقرض لهم وبهم حاجة ، فإن هلك في يده ، احتمل أن يكون من مال المساكين ، لأن الإمام قبضه من مال الصدقة ، كولي اليتيم إذا استقرض لحاجته فهلك في يده ،