إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون ، فقال : يا معشر التجار ، فاستجابوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فرفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه ، فقال : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من بر وصدق (١).
وأجمع المسلمون كافة على جوازه في الجملة. والحكمة تقتضيه ، لأن الحاجة قد تدعو الإنسان إلى التعلق بما في يد صاحبه ، وصاحبه لا يبذل بغير عوض ، وفي شرعيته إيصال كل واحد منهما إلى غرضه ودفع حاجته.
البحث الثاني
( في صيغته )
وهي الإيجاب والقبول ، فالإيجاب من جهة البائع ، بأن يقول : بعت ، أو شريت ، أو ملكت. والقبول من جهة المشتري ، بأن يقول : قبلت ، ويقوم مقامه ابتعت واشتريت وتملكت ، وإنما جعلناها قائمة مقام القبول لا قبولا ، لأن القبول على الحقيقة ما لا يمكن الابتداء به ، فإذا أتي بما يمكن الابتداء به فقد أتي بأحد شقي العقد.
ولا فرق بين أن يتقدم قول البائع « بعت » على قول المشتري « اشتريت » ومن أن يتقدم قول المشتري « اشتريت » ويصح البيع في الحالتين على الأقوى ، بخلاف ما لو قدم « قبلت » فإنه لا يعد قبولا ولا جزءا من العقد ، فكان لغوا.
ولا بد من الصيغة الدالة على الإيجاب والقبول ، للنهي عن الأكل بالباطل ، بل المأمور به التجارة عن التراضي ، والرضا من الأمور الباطنة التي يعسر الوقوف عليها ، فناط الشارع الحكم باللفظ الظاهر توصلا على علم الباطن غالبا ، ولم يعتد بالنادر.
ولا يشترط اتفاق اللفظين ، فلو قال البائع : شريت ، فقال المشتري : تملكت أو ابتعت ، أو قال البائع : ملكت ، فقال المشتري : اشتريت ، صح لاتحاد المعنى.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ٢ ـ ٧٢٦ الرقم ٢١٤٦.