والمعاطاة ليست بيعا ، وهو أن يقول : أعطني بهذا الدينار جزءا ، فيعطيه ما يرضيه. أو يقول : خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه ، لأن الأفعال لا دلالة لها بالوضع ، وقصود الناس فيها تختلف. ولا فرق بين المحقرات وغيرها ، لأصالة بقاء الملك فيهما.
وهل هو إباحة؟ أو يكون حكمه حكم المقبوض بسائر العقود الفاسدة؟ الأقرب الثاني ، فلكل منهما مطالبة الآخر بما سلمه إليه ما دام باقيا ، ويضمنانه إن كان تالفا. فلو كان الثمن الذي قبضه البائع مثل القيمة ، فهو مستحق ظفر بمثل حقه والمالك راض فله تملكه. ويحتمل العدم.
ولو قال : بعني ، فقال البائع : بعتك ، فإن قال بعد ذلك : اشتريت أو قبلت ، انعقد لا محالة وإلا فلا ، لاحتمال أن يكون غرضه استبانة رغبة البائع في البيع. وهذا بخلاف النكاح لو قلنا بصحة زوجني فيقول : زوجتك ، لأن النكاح لا يجري معاوضة في الغالب ، فتكون الرغبة معلومة من قبل ويتعين قوله « زوجني » استدعاء جزما ، والبيع كثيرا ما يقع معاوضة.
وكذا لا ينعقد لو قال البائع : اشتر مني كذا ، فيقول المشتري : اشتريت. بل هذا أولى بالعدم ، لأن قول المشتري « بعني » موضوع للطلب ، ويعتبر من جهة الطلب مبتدئا أو القبول مجيبا. وقول البائع « اشتر كذا » لم يوضع للبدل ولا للإيجاب ، ولا بد من جهته من بدل أو إيجاب.
فلو قال المشتري : أتبيعني عبدك بكذا [ أو قال : بعتني بكذا ] (١) فقال : بعت ، لم ينعقد ، إلا أن يقول بعده : اشتريت. وكذا لو قال البائع : اشترى داري بكذا ، أو اشتريت مني داري ، فقال : اشتريت ، لا ينعقد حتى يقول بعده : بعت ، إذ الاستفهام لا يقتضي الجزم بالإيجاب والقبول.
ولا ينعقد بالكنايات ، مثل خذه مني ، أو تسلم مني بألف ، أو أدخلته في ملكك ، أو جعلته لك بكذا ، أو سلطتك عليه بألف ، أو أبحته لك بألف.
__________________
(١) الزيادة من « ق ».