فلو باعه من نفسه لم يصح ، وإن كان الثمن مؤجلا ، بخلاف الكتابة. ويحتمل الصحة. والمغايرة ثابتة فيما يشترط فيه الملك ، وهنا لا ملك في الحقيقة بل إزالة له ، فكأن الشرط خاص لا عام.
المطلب الرابع
( في القدرة على التسليم )
يشترط في المبيع القدرة على التسليم ، ليخرج العقد عن أن يكون بيع غرر ، ويوثق بحصول الغرض ، فلا يصح بيع الطير في الهواء ، إذا لم يقض عادته بعوده ليلا أو نهارا ، ولو كانت عادته الرجوع احتمل الصحة ، كبيع العبد المبعوث في الشغل. والبطلان ، لانتفاء القدرة في الحال على التسليم ، وعوده غير موثوق به ، إذ ليس له عقل باعث.
وكذا لا يصح بيع السمك في الماء ، إلا أن يكون السمك محصورا بحيث يمكنه أخذه ، وإن احتاج إلى تعب ومشقة ، فإن الأقوى صحة بيعه إذا كان مشاهدا مع علم وزنه ، أو عدم اشتراطه ولو لم يشاهده لكدورة الماء لم يصح.
وأما النحل فإن شاهدها وكانت محبوسة ، بحيث لا يمكنها أن تمتنع ، صح بيعها منفردة ، لأنه حيوان طاهر مملوك مقدور على تسليمه ، يخرج من بطونها شراب مختلف (١) ألوانه فيه شفاء للناس ، فجاز بيعها كبهيمة الأنعام ، ولو كانت طائرة وعادتها العود ، فالوجهان.
ولا يصح بيع العبد الآبق منفردا ، سواء علم مكانه أو لا ، لأنه لا يقدر على تسليمه فكان غررا. ولا يشترط في الحكم بالبطلان اليأس من عوده ، بل يكفي ظهور التعذر. ولو عرف مكانه وعلم أنه يصل إليه إذا رام الوصول إليه ، فليس له حكم الآبق. ولو حصل في يد إنسان ، جاز بيعه عليه لإمكان تسليمه.
ولو بيع منضما إلى غيره ، صح بيعه ، سواء قلت قيمة الغير أو كثرت ،
__________________
(١) في « ق » فيه منافع للناس.