يمسك غلة ضيعة ليبيع في وقت الغلاء ، لكن الأولى أن يبيع ما يفضل عن كفايته. وهل يكره إمساكه؟ إشكال.
ولا احتكار في غير الأقوات إجماعا ، ولا يعم جميع الأقوات ، بل هو مختص بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والملح والسمن. والاحتكار المنهي عنه ما جمع ثلاث شرائط :
الأول : أن يشتري فلو جلب شيئا ، أو أدخل شيئا من غلته فادخره ، لم يكن محتكرا ، لقوله عليهالسلام الجالب مرزوق والمحتكر ملعون (١). ولأن الجالب لا يضيق على أحد ولا يضر به بل يبيع (١) ، فإن الناس إذا علموا عنده طعاما معدا للبيع كان أطيب لنفوسهم (٢) من عدمه.
الثاني : أن يكون قوتا ، فلا احتكار في الأدم كالعسل وغيره عدا ما استثني ، ولا علف البهائم لأن هذه الأشياء مما لا تعم الحاجة إليها ، فأشبهت الثياب والحيوانات.
الثالث : أن يضيق على الناس بشرائه ، ولا يحصل ذلك إلا بأمرين : أن يكون في بلد يضيق بأهله الاحتكار كالحرمين والثغور ، أما البلاد الواسعة الكثيرة المرافق والجلب كبغداد ومصر ، فقل أن يؤثر ذلك فيها ، فإن فرض كان منهيا عنه.
وأن يكون في حال الضيق ، بأن يدخل البلد قافلة فيتبادر ذوي اليسار فيشترونها ويضيقون على الناس ، وأما إن اشتراه حال الرخص بحيث لا يضيق على أحد فلا بأس ، فإن تجدد الضيق وجب البذل.
__________________
(١) في « ر » ينفع.
(٢) خ ل : لقلوبهم :
(٣) تقدم آنفا.