البحث الثالث
( في التسعير )
المشهور أنه لا يجوز التسعير لا للإمام ولا لنائبه على أهل الأسواق في شيء من أمتعتهم من الطعام وغيره في حال الرخص والغلاء ، لما روي أن رجلا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : سعر على أصحاب الطعام ، فقال : بل أدعو الله ، ثم جاء آخر فقال : يا رسول الله سعر على أصحاب الطعام ، فقال : بل الله يرفع ويخفض وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة (١).
إذا عرفت هذا فلو خالف إنسان من أهل السوق بزيادة سعر أو نقصان ، فلا اعتراض لأحد عليه ، ولا يسعر عليه بل يبيع بما رزقه الله ، سواء كان في الغلاء أو الرخص ، تمكينا للناس من التصرف في أموالهم ، ولأنهم قد يمتنعون بسبب ذلك من البيع فيشتد الأمر.
ولو جوزنا التسعير فإنما هو في الأطعمة التي تثبت الاحتكار فيها خاصة ، ولا يلحق بها علف الدواب.
وإذا سعر الإمام عليهالسلام : فخالف ، استحق التعزير وصح البيع.
إذا ثبت هذا فإن الإمام يجبر المحتكر على إخراج الطعام وبذله للبيع وتعريضه له ، لأن عليا عليهالسلام قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مر بالمحتكرين ، فأمر محتكريهم أن يخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الأبصار إليها ، فقيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو قومت عليهم فغضب حتى عرف الغضب من وجهه ، فقال : أنا أقوم عليهم ، إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء (٢).
وحد الشيخ رحمهالله الاحتكار في الرخص بأربعين يوما ، وفي الغلاء
__________________
(١) جامع الأصول ٢ ـ ٢٤ ـ ٢٥.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ ـ ٣١٧ ح ١.