ورأيت في المجلد السابع من (معجم البلدان) للحموي ، في ترجمة محمد بن السائب الكلبي ، ما هذا لفظه : وحدث هشام عن أبيه محمد بن السائب قال : كنت يوماً بالحيرة ، فوثب الي رجل فقال : أنت الكلبي؟ قلت : نعم ، قال : مفسر القرآن؟ قلت : نعم ، قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل ( واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا ) (١) ما ذلك القران الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قرأه حجب عن عدوه من الجن والإنس؟
قال ، قلت : لا أدري ، قال : فتفسر القران وأنت لا تعلمه.
قلت : أخبرني ، قال : اية من الكهف ، وآية من الجاثية ، وآية في النحل. قلت : الآيات في هذه السور كثيرة ، فقال : قوله تعالى ( افرايت من آتخّذ الهه هواه واضلّه آلله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكّرون ) (٢) وقوله عزوجل : ( ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقراً وان تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا اذا أبدا ) (٣) وقوله تعالى : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون ) (٤).
ثم التفت فلم أره ، فكأنما ابتلعته الأرض ، فصرت إلى مجلس من مجالسي فتحدثت بهذا الحديث.
فلما كان بعد مدة صار إلي رجل ممن حضر مجلسي ، فقال لي : خرجت من الكوفة أريد بغداد وخرجت معي سفائن ست ، وكانت سفينتي السابعة ، فقرأت هذه
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٤٥.
(٢) الجاثية ٤٥ : ٢٣.
(٣) الكهف ٥٧ : ١٨.
(٤) النحل ١٦ : ١٠٨.