قلت أنا : وكنت مرة قد توجهت من بغداد إلى الحلة على طريق المدائن ، فلما حصلنا في موضع بعيد من القرايا جاءت الغيوم والرعود ، واستوى الغمام للمطر ، وعجزنا عن احتماله ، فألهمني الله ـ جل جلاله ـ أنني أقول : يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، أمسك عنا مطره وخطره وكدره وضرره ، بقدرتك القاهرة ، وقوتك الباهرة. وكررت ذلك وأمثاله كثيراً ، وهو متماسك بالله ـ جل جلاله ـ حتى وصلنا إلى قرية فيها مسجد فدخلته ، وجاء الغيث شيئاً عظيماً في اللحظة التي دخلت فيها المسجد وسلمنا منه ، وكان ذلك قبل أن أقف على هذا الحديث (١).
أقول : وتوجهت مرة في الشتاء بعيالي من مشهد الحسين ـ صلوات الله عليه ـ إلى بغداد في السفن ، فتغيمت الدنيا وأرعدت وبدأ المطر ، فألهمت أنني قلت ما معناه : اللهم إن هذا المطر تنزله لمصلحة العباد ، وما يحتاجون إليه من عمارة البلاد ، فهو كالعبد في خدمتنا ومصلحتنا ، ونحن الآن قد سافرنا بأمرك ، راجين لإحسانك وبرك ، فلا تسلط علينا ما هو كالعبد لنا أن يضربنا ، وأجرنا على عوائد العناية الإلهية ، والرعاية الربانية ، وأجر المطر على عوائد العبودية ، واصرفه عنا إلى المواضع النافعة لعبادك وعمارة بلادك ، برحمتك يا أرحم الراحمين. فسكن في الحال (٢).
أقول : وهذا من تصديق الآيات المعظمات ، في إجابة الدعوات ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله من جملة المعجزات ، ولذريته من جملة العنايات ، فإنه ـ جل جلاله ـ استجاب من المحسنين ومن المسيئين.
وجدت في حديث ، حذفت إسناده لأن المراد العمل بمقتضاه : أن الحاج تعذر عليهم وجود الماء ، حتى أشرفوا على الموت والفناء ، فغشي على أحدهم فسقط إلى الارض مغشيا عليه ، فرأى في حال غشيته مولانا علياً ـ صلوات الله عليه ـ يقول : «ما أغفلك عن كلمة النجاة!» فقال له : وما كلمة النجاة؟ فقال عليهالسلام : «تقول : (٣) أدم ملكك
__________________
(١) البحار ٧٦ : ٢٥٩ / ٥٣.
(٢) البحار ٧٦ : ٢٦٠ / ٥٣.
(٣) في «ش» : اللهم.