الباب الثاني
ومن أجل أنه لا يؤمن أن يتولد عن الحركة المفرطة إعياء ما ، يجب أن نصف الاعياء وأنواعه ، وبأي شيء ينبغي أن يحتال في إصلاحه والسلامة منه.
فنقول : إن الاعياء هو حال يحدث للبدن حس الم يتولد عن حركة مفرطة ، وذلك أن حركات البدن جميعاً إنما تكن بالعضل والعصب ، الذي منشؤه وأصله النخاع ، فإذا تحرك البدن حركة مفرطة ، نال العضل المحرك له أذى بالاحتكاك والتصادم فيه ، الذي يكون بالحركة السريعة ، فالحال الحادثة عن ذلك تسمى إعياء ، وأنواع الإعياء التي ذكرها جالينوس أربعة :
فالأول منها يسمى : المثقل.
والثاني : المدد.
والثالث : المسخن.
والرابع : المؤلم.
فالأبدان الممتلئة أخلاطاً لزجة غليظة مائلة إلى البرد والرطوبة ، إذا تعبت بالحركة اذابت الحركة تلك الأخلاط وأنضجتها ، فصارت دماً رقيقاً لطيفاً تمتلى به أوعية البدن ويزيد في دم البدن زيادة بينة ، فإن كانت قوة البدن ضعيفة ، كانت تلك الزيادة كلا عليه ، فأحس من ذلك بثقل أكثر ما يمكنه أن يحتمله ، فكان من ذلك الإعياء المثقل.
وإن كانت قوة البدن قوية وتفي بحمل الأخلاط التي حللتها الحركة ، كان من ذلك الإعياء الممدد ، فيحس الإنسان كأن عروقه وأعضاءه تمدد للتمدد الذي تناله بالزيادة التي زادت فيها بالأخلاط التي أذابتها الحركة وحللتها.
فأما الذي يكون مع إسخان وحرارة فالإعياء الذي يكون مع ألم يحس في
__________________
(١) في «ش» : في.