الأعضاء ، فإنهما يكونان في الأبدان التي أخلاطها لطيفة رقيقة ، فإذا تحركت هذه الأبدان حركة كثيرة ، حميت الأخلاط التي فيها وسخنت بالحركة ، إذ كانت في طبيعتها مائلة إلى الحركة ، فكان منها الإعياء الذي يكون من حرارة مع إسخان.
فإن كانت الأخلاط في طبيعتها حارة ، ازدادت سخونة من قبل الحركة ، فكان من ذلك الاعياء المؤلم ، وذلك أن الأخلاط تصير في هذه الحال بمنزلة الشيء الذي قد غلا واحتد يلذع ويؤلم.
فهذه أسباب الاعياء الأربعة التي ذكرها جالينوس.
فأما علاجها : فإن النوع الأول والثاني منها ، يصلحان بالتغميز الرقيق ، والمروخات بالأدهان المعتدلة الحارة كدهن الخيري (١) ودهن السوس ودهن الآس ، والأدهان المتخذة بالزيت الذي قد طبخت فيه أفاويه طيبة الرائحة ملطفة محللة ، مثل الزيت الذي قد طبخ فيه القسط (٢) والأسطرك (٣) والميعة (٤) أو أظفار الطيب (٥) أو ذريرة القصب (٦) ، وما شابه ذلك من الأشياء العطرية التي ليست حرارتها مفرطة ، ويكون استعمال الغمز بأن يملأ الغامز كفه من لحم البدن ، ويشد عليه كفه شدا متساوياً ، لا يكون شده على مايقع منه تحت إبهامه وأطراف أصابعه أكثر من شده على سائر ما في كفه من اللحم ، بل يكون كأنه يضغط شيئا قد ملأ كفه.
وكذلك أوقات الدهن ، يجب أن يكون مسحه للبدن بالراحة كلها والأصابع مسحاً واحداً ، ولا ينال البدن وأطراف الأصابع أشد من المسح الذي يناله من الكف
__________________
(١) الخيري : نبات له ورد أبيض وبعضه أصفر ، والأصفر نافع في الطب. «الجامع ٢ : ٧٩».
(٢) القسط : عود هندي وعربي مدر نافع للكبد ... والزكام والنزلات بخوراً ... «القاموس المحيط ـ قسط ـ ٢ : ٣٧٩».
(٣) أسطرك : نوع من الميعة ، وهو صمغ شجرة ، أجوده ما كان أشقر. «الجامع ٤ : ١٧١».
(٤) الميعة : شجرة كبيرة خشبها يشبه خشب التفاح ، القشرهو الميعة اليابسة ومنه تستخرج الميعة السائلة ... «الجامع ٤ : ١٧١».
(٥) أظفار الطيب : شيء من الطيب أسود شبيه بالظفر ، وهو أنواع تختلف بحسب البلاد : الهندي واليمني والبحراني ... «الجامع ١ : ٣٩».
(٦) ذريرة القصب : سماه ابن البيطار قصب الذريرة ، وذكر أنه نبات هندي ، أجوده ما كان لونه ياقوتياً متقارب العقد ، إذا هشم ينهشم إلى شظايا كثيرة فى أنبوبية ، ثم ذكر منافعه. «الجامع ٤ : ٢٢».