الباب الثالث
الغمز ثلاثة أصناف : فمنه صنف يكون بدلك شديد مفرط الحرارة والشدة ، يصير به البدن إلى حال حمرة وسخونة وانتفاخ ، ولا يثبت فيه أصابع الغامز على موضع واحد من البدن ، بل يجعل على البدن صعداً وسفلاً ، وهذا الصنف من الغمز اسم الدلك به اليق من اسم التغميز.
ومنه صنف يكون بضغط شديد وكبس على الأعضاء ، يلزم فيه الكف والأصابع موضعاً واحداً من البدن ، على خلاف الصنف الأول.
ومنه ما يكون ذلك فيه برفق ولين ، لا شدة معه ، ولا إتعاب للغامز.
فالغمز الذي يكون بالدلك الشديد ، يحتاج إليه إذا كانت قد اجتمعت في البدن بخارات كثيرة متكاثفة ، قد تخثرت في البدن وبقيت فيه ، وحدوث هذه البخارات يكون إما عن راحة كثيرة وبطالة وغذاء كثير ، وإما عن تعفن وحرارة غريبة خارجة عن الطبيعة ، وذلك إنما يتهيأ عند تكاثف الجلد وتلبده.
ففي هذه الأحوال جميعاً ، ينبغي أن يستعمل هذا النوع من الغمز ، أعني الذي يكون بدلك شديد ، ومسح بقوة صالحة ، بعد أن يكون ذلك في الأعضاء التي تغمز متساوياً ، ولا تكون أطراف الأصابع والإبهام تعمل في ذلك أكثر مما تعمله الراحة وسائر الكف ، فإن استعمال هذا الصنف من التغميز ، يخرج تلك البخارات المحتقنة ويحللها عن البدن ، فيحدث من ذلك للبدن راحة بينة.
وهذه الحال من الغمز ، ينبغي أن تتوقى وتجتنب فيمن قد تعب تعباً شديداً ، أو أستعمل رياضة مفرطة ، وذلك أن من كانت هذه حاله ، يكون قد انحل عن بدنه بالتعب والحركة وسخف (١) وتحلل منه ما لا يحتاج معه إلى زيادة تحليل أو تخلخل ، بل هو
__________________
(١) سخف : رق. «مجمع البحرين ـ سخف ـ ٥ : ٦٩» ، وفي «ش» : وتسخن.