الباب الرابع
الرياح المفرطة في الحر والبرد ، قد تكون في أوقات تجني على البدن جنايات عظيمة :
فمنها ما هو يولد وجع الاذن ، وذلك يقع كثيراً.
ومنها ما يولد زكاماً ونوازل وسعالا.
ومنها ما يولد أوجاعاً في العين ، ولا سيما إذا كان مع الريح الشديد غبار وكان في العين علة ما متقدمة.
والذي يتحرز به من هذه الآفات جميعاً ، أن يشد الرأس بعمامة شداً يشتمل على الاذنين والأنف والفم ، ولا يترك في شده خلل يدخل بينه وبين الدثار ريح البتة.
وأن تشد الاذن إن كان فيها علة وكانت في جوهرها ضعيفة بقطنة قد بلت ببعض الأدهان ، فإن كانت الريح حارة كان الدهن دهن ورد أو دهن بنفسج وما أشبههما ، وإن كانت باردة كان الدهن دهن سوسن أو ياسمين أو ناردين (١) أو ما أشبه ذلك.
وأما الزكام والنزل ، فينبغي في أوقات هذه الرياح ـ أن كانت باردة ـ أن يستنشق رائحة الشونيز(٢) المقلو والمكون والأفاوية اليابسة الحارة مثل القرنفل والبسباسة (٣) والزعفران والورس والعود (٤) وما أشبه ذلك. وإن كانت الرياح حارة ، استعمل الأشياء الباردة مثل الكافور والصندل والورد وما أشبه ذلك.
__________________
(١) الناردين : هو السنبل الهندي ، وهو عقار طبي. «الجامع ٤ : ١٧٥».
(٢) الشونيز : نبات دقيق العيدان طوله نحو شبرين أو أكثر ، بزره أسود طيب الرائحة يخلط بالعجين والخبز ... له قوة لطيفة ولهذا صار يشفي الزكام. «الجامع ٣ : ٧٢».
(٣) البسباسة : قشر شجرة لونه يميل إلى الشقرة ، وهو غليظ قابض جداً. «الجامع ١ : ٩٣».
(٤) العود : خشب هندي طيب الرائحة يتبخر به. «الجامع ٣ : ١٤٣».