الباب الخامس
قد يعرض كثيراً من هبوب الرياح الحارة أو الباردة وجع الاذن ، وقد يكون ذلك ـ أيضاً ـ في الأسفار من غير هبوب رياح ، عند الحركة المفرطة ، وحدة الأخلاط وحرارتها وحماها.
فإن عرض وجع الاذن من برودة ، كان دليله أن الوجع يكون في داخل الاذن في عمقها ، ولا يكون معه ثفل (١) ولا تمدد ولا حمرة في ظاهر الاذن ، ويكون سائر البدن سليماً من الحرارة ، ولا يكون ما تقدم من تدبيره يوجب حرارة ، بل يكون كل تدبير تقدم له من المطعم والمشرب والهواء المحيط يوجب برودة ، وأن يكون الهواء بارداً والرياح الهابة شمالية.
فأما إن كان التدبير المقدم في المطعم والمشرب تدبيراً حاراً ، وكان الهواء حاراً وهبت الرياح جنوبية ، وكان الوجع نفسه مع تمدد ومع حمرة في اللون وثقل في الرأس ، فإن ذلك دليل على أن الوجع من حرارة.
فإن كان الوجع مع تمدد ، وكان معه طنين ، ولم يكن معه ثفل ، فإنه دليل على أن الوجع من ريح مستكنة في الاذن ليس لها مسلك تخرج منه.
علاج وجع الاذن من برد.
أذا صح عندنا ـ بالدلائل التي وصفنا ـ أن وجع الاذن من برد ، فينبغي أن نعالجه بأن نقطر في الاذن زيتا قد طبخ فيه سذاب (٢) ، أو دهن الناردين ، أو دهن الغار (٣) مفتراً ، أو دهن قد طبخ فيه أقحوان ، أو زيت قد أذيب فيه فربيون (٤) يسير ، أو
__________________
(١) الثفل : صمغ الأذن ووسخها.
(٢) السذاب : نبات طبي بري وبستاني ، له حب حاد لاذع الطعم يحلل الأخلاط الغليظة اللزجة. «الجامع ٣ : ٥».
(٣) الغار : شجر ضخم ورقه طيب الريح يستعمل في الطيب. «الجامع ٣ : ١٤٥».
(٤) فربيون : شجرة تشبه القثاء ، مملوءة صمغاً مفرط الحدة ، من العقاقير. «الجامع ٣ : ١٥٨».